آمين آمين لا أرضى بثالثة |
|
حتى أضيف ألف آمينا |
أما بعد ، فإن نفحت العطف من ذلك الخاطر العاطر ، أو تموج بالسؤال عباب ذلك البحر الزاخر ، عن أحوال داعيه ، وحافظ وده ومراعيه ، فهو ـ والحمد لله ـ في نعم وافرة ، وآلاء جمة متكاثرة ، غير أن الاشتياق أجج الزفرات ، وأضرم اللوعات ، ولا يخفى أن من الأمور المقررة ، والقضايا المحررة ، الصادرة عن صدق خاتم فص الرسالة وينبوع السيادة والجلالة والبسالة ، أن النفوس إذا تعارفت في عالم الأرواح لا بدّ وأن تتآلف في عالم الأجساد والأشباح ، فلهذه الحكم الربانية ، والمصالح الصمدانية ، تحركت نفس مولانا الزكية ، وقصدت تطابق العالمين في هذه (القضية ، فشرّف) (١) أدنى خدمة بكتاب تسطع الفصاحة من خلال مبانيه ، وتشرق البلاغة في مجاري أفلاك معانيه ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها (٤٥ أ) كاد يبلغ حدّ الإعجاز حيث اشتمل من البلاغة على أقصاها ، فكان الحري بأن أنشد فيه وأتمثل بقول السلف الأول :
أتاني كتاب لو يمر نسيمه |
|
بقبر لأحيا نشره صاحب القبر |
وأذكرني شوقا وما كنت ناسيا |
|
ولكنه تجديد ذكر على ذكر |
وهذا الداعي لما تحقق أنه لا يستطاع الإتيان بمثله ، ولا يدخل تحت قواه مقابلة بعضه ، فضلا عن كله ، أضرب عن المقابلة صفحا ، ورأى السكوت فائدة وربحا ، واستوت سفينة عجزه في اليم ، وجنح إلى السّلم ، والسّلم أسلم ، لعلمه أنّ هذه مضائق لا يسلك فيها إلّا خريت ، وأن هذه الطرق وعرة سبريت (٢) ، لكن لما اعتقد أن شيم المولى الإغضاء عن العوراء ، والصفح عن الزلة الشنعاء ، تجرأ هذا الداعي على المكاتبة ، وأقدم بعد أن كان يقدم رجلا ويؤخر أخرى ، في ولوج عباب هذا اليم ، فالمأمول من شيم مولانا الرضية ، ومكارمه الشاملة السنية ، مسامحته عن مثل هذه الترهات ، وأن يدفع السيئات بالحسنات ، فإن الجالب قليل
__________________
(١) غير واضحة في أ.
(٢) سبريت : المسكين المحتاج ، وسبروت : الفقر الذي لا نبات فيه ، والظاهر أنه قصد المعنى الأخير.