تهديده من عدة وجوه (١) فقال عصام : قد عد المحقق التفتازاني وجوه المبالغة من عشرة أوجه ، فعدها ، إلى أن قال : ولو جعل كنت بمعنى صرت لكان أعلى كعبا ، إلى آخر عبارته.
فقلت له : ليس لفظ كنت في الآية ولا في عبارة البيضاوي ، فتأمل كثيرا واستشكل الأمر فذكرت له الجواب ، فطار به فرحا ، واستحسنه كثيرا ، (٥٤ أ) وكان في حجرته تلامذته وكلهم ذوو استعداد في المعقول والمنقول ، فقبلوا يدي وسألوني الدعاء ، لطف الله بنا وبهم آمين.
وفي هذا اليوم دعانا ، ومعنا حسن أفندي ، النجيب السعيد عبد الله بك ابن أحمد باشا والي الرها ، فأضافنا ضيافة عظيمة ، وأكرمنا إكراما جزيلا ، وكذا أضافنا مرة ثانية ، وخدمني بنفسه ، وفّقه الله للخير. وصار لهذا الفقير في الرها شهرة حسنة بحيث يشار لي بالأصابع ، فما أحسنها من بلدة وما أحسن أهاليها ، عمّرها الله تعالى وصانها عن الآفات آمين. وأقمنا فيها سبعة أيام غير يوم الدخول والخروج. وخرجنا منها يوم الخميس الثامن والعشرين من جمادى الأولى (٢).
[سروج]
وكان مرحلتنا بر سروج (٣) في واد على بئر عذب ، حولها ضيعة تركمان ، والمسافة تقريبا ستة فراسخ.
[الجبجيلي]
وتليها مرحلة الجبجيلي ، بالجيم التركية (٤) ، على بئر عذب ، والمسافة كالتي قبلها.
__________________
(١) اختصر المؤلف هنا عبارة البيضاوي ، وإلّا فهي «أكد تهديده وبالغ فيه من سبعة أوجه» وذكر هذه الأوجه.
(٢) الموافق ٩ تموز (يوليو) ١٧٤٤ م.
(٣) مدينة قديمة من ديار مضر ، فتحها عياض بن غنم صلحا سنة ١٧ ه ، وطارت شهرتها بنسبة الحريري إليها أبا زيد بطل مقاماته (ياقوت : معجم البلدان ج ٣ ص ٢١٦) ، وخربها تيمور لنك ، وكانت تعد في عهد الدولة العثمانية سنجقا في إياله الرهاء ، وهي إلى الجنوب الغربي من حلب بمسافة ٤٠ كم.
(٤) أي بالجيم المثلثة ، التي يكتبها المصريون (تش).