استفاد في ذلك من روايات مرافقيه من أهل تلك الديار والنواحي ، أو من النصوص التي أوردتها المعاجم اللغوية والبلدانية وكتب التاريخ ، والتي أظهر أنه كان مطلعا عليها بشكل واسع ، أو من ملاحظاته الشخصية حول علاقة الموضع بما يكتنفه من مظاهر بيئية مختلفة.
وعند تحليل النصوص التي أوردها حول هذا الموضوع ، يظهر للباحث أن السويدي يعزو هذه التسميات إلى عاملين رئيسيين لا ثالث لهما ، أولهما عامل تاريخي يتصل بما مر على المكان من أحداث أو ما مر به من أشخاص ، وثانيهما عامل جغرافي يتعلق بما يحيط بالمكان من تضاريس مختلفة ، أو ظواهر جيولوجية أو مناخية أو غير ذلك.
ويتجلّى العامل الأول في بحثه عن الأعلام التاريخية التي نسبت إليها المدن والقصبات والمواضع التي مر بها ، فقال عن تل كوش «لعل نسبته إلى كوش بن كنعان» وعن تكريت أنها «سميت بتكريت بنت وائل» وأن خان تومان منسوب إلى امرأة اسمها تومان بنته» ، وأن معرّة النعمان منسوبة إلى النعمان بن بشير الأنصاري ، وقوله في موضع اسمه عنزة» الظاهر أنها سميت بعنزة بن أسد بن ربيعة ، وبه سميت القبيلة المشهورة لأن تلك الأرض مسكنهم قديما وتفسيره لاسم مرحلة تدعى جخيمان أنها «سميت كما قيل باسم شيخ من شيوخ الأعراب كان يأخذ الصرّ عندها» وقوله عن بئر تسمى بالبئر الجديدة : إنها «سميت بذلك لأن البئر حفرها ليس قديما ، أو أنه مغير عن جدّ وهو البئر الكثيرة الماء أو قليله ضد».
هذا بينما يتجلى العامل الثاني ، أعني الجغرافي ، في ملاحظات السويدي الذكية للصلات التي تربط المكان ببيئته الجغرافية ، وتفسير إطلاق تسمية الموضع بحسب معطيات تلك البيئة وظواهرها المختلفة ، فهو يذكر أن موضعا سمي المحادر لما فيه «من الانحدار والهبوط» ، وأن عينا تسمى الغرابي «لكون الماء في مقره أسود يشبه الغراب» ، وأن البلاليق «سميت بذلك لأن الأماكن التي حواليها بلق بيض ، وجبلها لا شجر فيه فهو أبلق» ، وأن المصايد ، وهو موضع على دجلة ، أنها سميت بذلك «لأن ماء دجلة يتعوج فيها لما فيها من الانحراف ، فكأنها تصيد الكلك» ، وأن عينا تسمّى صفية» سميت بذلك أما لصفاء مائها ، أو لكونها تجري على صفاة» ، وأن البلقاء «سميت بذلك لأنّ حجارتها متلونة بالسواد