الفقراء والضيفان حتى مات مدينا. وكان له معرفة تامة بأحوال الخيل العتاق ، فكان إذا شهد بفرس أنه عتيق ، أو أنه هجين ، أمضيت شهادته لدى أرباب الخيل ، فلم يستطع أحد أن يقول بخلافه.
وأما الدوري (٣ ب) ، فهي نسبة إلى الدور (قرية) (١) شرقي دجلة ، على شاطئها ، فوق سر من رأى ، وبها مشهد عظيم يزار ويتبرك به ، وله أوقاف وجامع خطبة يقال : إنه مشهد الشيخ محمد الدوري ، وقد خرج من هذه القرية علماء وصلحاء لا يحصون ، وهي عن مدينة السلام بغداد أربع مراحل ، لكن مسقط رأسي بغداد في الجانب الغربي في محلة الكرخ. وولدت ليلا قبيل الفجر عام أربع ومائة وألف ، يجمعه حروف غدق. (٢) ومات أبي وأنا ابن خمس سنين تخمينا ، وخلّف من الأولاد غيري ، شقيقي مرعي وموسى ، (٣) وشقيقتي حليمة ، وأخي لأبي محمد ، وشقيقته آمنة. (و) مات موسى عام اثنين وثلاثين ومائة وألف (٤) في طاعون بغداد ، (٥) وكذا أمي ماتت بهذا التاريخ بعلة الطاعون رحمهمالله تعالى. وماتت شقيقته آمنة بعد موت أبيها بقليل. والحاصل أنه بعد وفاة أبينا بقينا لحما على وضم ، (٦) لا حال ولا مال ، ولا لبد (٧) ولا سند ، ولا تالد ولا طريف ، ولا ناطق ولا صامت ، أيتاما لا كافل لنا ولا مربي ، ولا ينظر إلينا أحد ممن كان مغمورا بإحسان أبينا ، (٤ أ) فبقينا بعد ذلك برهة من الزمن تغزل أمنّا القطن وتنفق علينا منه. وكان عمنا أخو
__________________
(١) ليست في ب. وانظر عن الدور : مقدمة التحقيق.
(٢) بحساب الجمل : غ ١٠٠٠ د ٤ ، ق ١٠٠ ، فالمجموع ١١٠٤
(٣) من هنا إلى اخر الصفحة مطموس في أفأكملناها من ب.
(٤) وأولها ١٤ تشرين الأول (أكتوبر) سنة ١٧١٩ م.
(٥) حدد عبد الرحمن السويدي ، وهو ابن المؤلف ، تاريخ هذا الطاعون الداهم (حديقة الزوراء ج ١ ص ٨٣) بأنه حدث في أواخر سنة ١١٣١ ، وذهب عن أهل بغداد في سنة ١١٣٢ وقدر عدد الموتى بأنه بلغ ألفا أو يزيد في اليوم الواحد ، حتى اضطر والي بغداد إلى الخروج بعسكره إلى سامراء بينما هرب سائر الناس إلى مختلف الفيافي والنواحي.
(٦) الوضم : ما وقيت به اللحم عن الأرض من خشب أو حصير ، وتركهم لحما على وضم : أوقعهم فذللهم وأوجعهم.
(٧) اللبد هنا : ما يلتزق به.