جميعا ، ورجع مروان ، فقال : والله لا تراه [بعد](١) مقامك إلّا حيث يسوؤك ، فأرسل العيون في أثره ، فلم يزد حين دخل منزله على أن دعا بوضوء ثم صفّ بين قدميه ، فلم يزل يصلّي ، وأمر حمزة ابنه أن يقدم راحلته إلى ذي الحليفة (٢) على بريد من المدينة مما يلي الفرع ، وكان له بذي الحليفة مال عظيم ، فلم يزل صافا قدميه حتى كان من آخر الليل ، وتراجعت عنه العيون جلس على دابّته فركضها حتى انتهى إلى ذي الحليفة ، فجلس على راحلته ثم توجّه إلى مكة ، وخرج الحسين من ليلته فالتقيا بمكة ، فقال له ابن الزبير : ما يمنعك من شيعتك وشيعة أبيك ، فو الله لو أن لي مثلهم ما وجّهت إلّا إليهم.
وبعث يزيد عمرو بن سعيد أميرا على المدينة ، وعزل الوليد بن عتبة تخوّفا لضعف الوليد ، فرقي عمرو المنبر حين دخل ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، وذكر ابن الزبير وما صنع وقال : تعزّز (٣) بمكة ، فو الله لتغزون (٤) ، ثم والله لئن دخل الكعبة لنحرقنها عليه ، على رغم أنف من رغم.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، نا ربيعة بن عثمان ، وأبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، ومحمّد بن عبد الله بن عبيد بن عمير وغيرهم ، قالوا (٥) :
جاء نعي معاوية بن أبي سفيان ، وعبد الله بن عبّاس يومئذ غائب بمكة ، فلما صدر الناس من الحج سنة ستين ، وتكلّم عبد الله بن الزبير ، وأظهر الدعاء خرج ابن عبّاس إلى الطائف ، فلما كانت وقعة الحرّة وجاء الخبر ابن الزبير كان بمكة يومئذ عبد الله بن عبّاس ، وابن الحنفيّة ، ولما جاء الخبر بنعي يزيد بن معاوية وذلك لهلال شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين قام ابن الزبير فدعا إلى نفسه ، وبايعه الناس ، دعا ابن عبّاس ، وابن الحنفية إلى البيعة ، فأبيا أن يبايعا ، وقالا : حتى يجتمع لك البلاد ، ويأتسق لك
__________________
(١) زيادة عن م وتاريخ خليفة.
(٢) قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة (ياقوت).
(٣) تاريخ خليفة : تعوّذ.
(٤) تاريخ خليفة : لنغزونه.
(٥) عن م وبالأصل : قال.