حدّثني عبد الله بن جعفر ، عن عمته أم بكر بنت المسور بن مخرمة ، قال : وحدّثني شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه ، قال : وحدّثني عبد الرّحمن بن أبي الزناد ـ وفي نسخة عن أبيه ـ وغيرهم أيضا ، قد حدّثني بطائفة من هذا الحديث ، قالوا :
لم يزل عبد الله بن الزبير مقيما بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان ، فتوفي معاوية ، فبعث يزيد بن معاوية إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، وهو يومئذ والي المدينة نعي معاوية ، ويأمره أن يبايع من قبله من الناس ، فجاءه الرسول ليلا ، فأرسل إلى ابن الزبير فدعاه إلى البيعة ، فقال : حتى تصبح (١) ، فتركه ، فخرج ابن الزبير وهو يقول : هو (٢) يزيد الذي نعرف والله ما أحدّث خيرا ، ولا مروءة ، وخرج من ليلته [إلى مكة](٣) فلم يزل مقيما بها حتى خرج حسين بن علي منها إلى العراق ، ولزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري (٤) ، وجعل يحرّض الناس على بني أمية ، وبلغ يزيد ذلك فوجد عليه ، فقال ابن الزبير : أنا على السمع والطاعة ، لا أبدل ولا أغيّر ، ومشى إلى يحيى بن حكيم بن صفوان بن أميّة الجمحي ، وهو والي مكة ليزيد بن معاوية فبايعه له على الخلافة ، فكتب بذلك يحيى إلى يزيد ، فقال : لا أقبل هذا منه ، حتى يؤتى به في (٥) وثاق في جامعة ، فقال له ابنه معاوية بن يزيد : يا أمير المؤمنين ادفع الشر عنك ما اندفع ، فإن ابن الزبير رجل لحز (٦) لجوج ولا يطيع بهذا أبدا ، وإن تكفّر عن يمينك وتلها (٧) منه حتى تنظر (٨) ما يصير إليه أمره أفضل ، فغضب يزيد وقال : إنّ في ذلك لعجبا ، قال : فادع عبد الله بن جعفر ، فسله عما أقول وتقول ، فدعا عبد الله بن جعفر فذكر له قولهما ، فقال عبد الله : أصاب أبو ليلى (٩) ، ووفّق ، فأبى يزيد أن يقبل ذلك ، وعزل
__________________
(١) عن م وبالأصل : يصبح.
(٢) أضيفت عن م ، سقطت من الأصل.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك عن سير الأعلام وتاريخ الإسلام.
(٤) كذا بالأصل وم وسير أعلام النبلاء ، وفي تاريخ الإسلام : المغافر.
(٥) في سير الأعلام وتاريخ الإسلام : في جامعة ووثاق.
(٦) اللحز : الرجل الضيق الخلق.
(٧) كذا بالأصل وم.
(٨) في م : ينظر.
(٩) كنية معاوية بن يزيد ، انظر في ترجمته وأخباره كتاب الإمامة والسياسة بتحقيقنا ٢ / ١٧ والطبري ٥ / ٥٣٠ وابن الأثير بتحقيقنا ٢ / ٦٠٥ ومروج الذهب ٣ / ٨٨.