حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني فروة بن زبيد ـ وأصلحه ابن حيّوية : قرة ، وهو خطأ ـ عن عبّاس بن سهل بن سعد قال : سمعت ابن الزبير يقول : ما أراني اليوم إلّا مقتولا ، ولقد رأيت في الليلة هذه كأن السماء فرجت لي فدخلتها ، فقد والله مللت الحياة وما فيها ، ولقد قرأ في الصبح يومئذ متمكنا : «ن والقلم» حرفا حرفا ، وإنّ سيفه لمسلول إلى جنبه ، وإنه ليتم الركوع والسّجود كهيئته قبل ذلك (١).
قال : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني عبد الملك بن وهب ، عن شيخ من أسلم قال :
سمعت ابن الزبير يقول يوم قتل : والله لقد مللت الحياة ، ولقد جاوزت سن أبي هذه ، لي ثنتان وسبعون سنة ، اللهمّ إني قد أحببت لقاءك فاحبب لقائي ، وجاهدت فيك عدوّك فأثبني ثواب المجاهدين ، قال : فقتل ذلك اليوم.
قال : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني عبد الرّحمن بن أبي الزّناد ، عن مخرمة بن سليمان الوالبي ، قال :
دخل عبد الله بن الزبير على أمّه حين رأى من الناس ما رأى من خذلانهم إيّاه ، فقال : يا أمه ، خذلني الناس حتى ولدي وأهلي ، فلم يبق معي إلّا من ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة ، والقوم يعطوني (٢) ما أردت من الدنيا ، فما رأيك؟ فقالت أمّه : أنت والله يا بنيّ أعلم بنفسك ، إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو فامض له ، فقد قتل عليه أصحابك ، ولا تمكّن (٣) من رقبتك ، فيلعب بك غلمان بني أميّة ، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت ، أهلكت نفسك ، وأهلكت من قتل معك ، قال : قد (٤) يا ابن الزبير ، فقبّل رأسها ، فقال : هذا والله رأيي والذي ، قمت به داعيا إلى يومي هذا ، ما ركنت إلى الدنيا ، ولا أحببت الحياة فيها ، وما دعاني إلى الخروج إلّا الغضب لله ، ولكني (٥) أحببت أعلم رأيك فزدتني قوة وبصيرة مع بصيرتي ، فانظري يا أمّه فإنّي مقتول من يومي هذا ، لا يشتد جزعك عليّ ، سلمي لأمر الله ، فإنّ ابنك لم يعتمد إتيان منكر ،
__________________
(١) تاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠ ص ٤٤٦).
(٢) كذا بالأصل وم.
(٣) في م : يمكن.
(٤) كذا بالأصل وم.
(٥) كذا بالأصل وم.