وقد ينبت المرعى على دمن الثرى |
|
وتبقى خزازات (١) النفوس كما هيا |
وفيه يقول أيضا (٢) :
أفي الحقّ أما بحدل وابن بحدل |
|
فيحيا واما ابن الزبير فيقفل |
كذبتم وبيت الله لا تقتلونه |
|
ولمّا يكن يوم أغرّ محجل |
ولمّا يكن للمشرفية فيكم |
|
شعاع كنور الشمس حين تعرجل |
قال : ثم مات مروان ، فدعا عبد الملك إلى نفسه ، وقام ، فأجابه أهل الشام ، فخطب على المنبر وقال : من لابن الزبير منكم؟ فقال الحجّاج : أنا يا أمير المؤمنين ، فأسكته ، ثم عاد ، فأسكته ، فقال : أنا يا أمير المؤمنين ، فإنّي رأيت في النوم أنّي انتزعت جبّته فلبستها ، فعقد له في الجيش إلى مكة حتى وردوها على ابن الزبير ، فقاتله بها ، فقال ابن الزبير لأهل مكة : احفظوا هذين الجبلين ، فإنكم لن تزالوا بخير أعزة ما لم يظهروا عليهما (٣) ، قال : فلم يلبثوا أن ظهر الحجّاج ومن معه على أبي قبيس ، ونصب عليه المنجنيق ، فكان يرى به ابن الزبير ومن معه في المسجد ، فلما كان الغداة التي قتل فيها ابن الزبير ، ودخل ابن الزبير على أمّه أسماء بنت أبي بكر ، وهي يومئذ بنت مائة سنة ، لم يسقط لها سن ، ولم يفسد لها بصر ، فقالت لابنها : يا عبد الله ما فعلت في حربك؟ قال : بلغوا مكان كذا وكذا ، قال : وضحك ابن الزبير ، فقال : إنّ في الموت راحة ، فقالت : يا بنيّ لعلك تتمناه لي ما أحبّ أن أموت حتى آتي على أحد طرفيك ، إمّا أن تملك فتقر بذلك عيني ، وإمّا أن تقتل فاحتسبك ، قال : ثم ودّعها ، فقالت له : يا بني إياك أن تعطي خصلة من دينك مخافة القتل ، وخرج عنها ، فدخل المسجد ، وقد جعل بيضة على الحجر الأسود يتقي أن يصيبه المنجنيق ، وأتى ابن الزبير آت وهو جالس عند الحجر ، فقال له : ألا نفتح (٤) لك الكعبة فتصعد فيها ، فنظر إليه عبد الله ثم قال : من كلّ شيء تحفظ أخاك إلّا من نفسه ـ يعني من أجله ـ وهل للكعبة حرمة ليست لهذا المكان ، والله لو وجدوكم متعلقين بأستار الكعبة لقتلوكم ، فقيل له : ألا نكلمهم في الصلح؟
__________________
(١) بالأصل : «وقد تنبت ... خرافات النفوس» والمثبت عن م ومثله في الطبري والأغاني.
(٢) مرّت الأبيات قريبا في أثناء الترجمة.
(٣) في م : عليها.
(٤) عن م وبالأصل : يفتح.