وأصبحت إذ فضلت مروان وابنه |
|
على الناس قد فضلت خير أب وابن |
فقال عبد الملك : من يلومني على هذا؟ وأمر له بعشرة آلاف درهم ، وعشرة تخوت ثياب ، وعشر فرائض من الإبل ، وأقطعه ألف جريب (١) ، وقال له : امض إلى زيد الكاتب يكتب لك بها ، وأجرى له على ثلاثين عيّلا (٢) فأتى زيدا فقال له : ائتني غدا ، فأتاه فجعل يردده ويتعبه فقال له (٣) :
يا زيد يا فداك (٤) كلّ كاتب |
|
في الناس بين حاضر وغائب |
هل لك في حقّ عليك واجب |
|
في مثله يرغب كلّ راغب |
وأنت عفّ طيّب المكاسب |
|
مبرّأ من عيب كلّ عائب |
لست إذ كفيتني وصاحبي |
|
طول غدوّ ورواح دائب |
وشدة الباب وعنف الحاجب |
|
من نعمة أسديتها بخائب (٥) |
فأبطأ عليه زيد ، وأتى سفيان بن الأبرد الكلبي فكلمه سفيان ، فأبطأ عليه ، فعاد من فوره إلى سفيان فقال له عند ذلك (٦) :
عد إذ بدأت أبا يحيى فأنت لنا (٧) |
|
ولا تكن حين هاب الناس هيّابا |
واشفع شفاعة أنف لم يكن ذنبا |
|
فإن من شفعاء الناس أذنابا |
فأتى سفيان زيدا الكاتب فلم يفارقه حتى قضى حاجته.
قال محمد بن حبيب : دخل أعشى بني أبي ربيعة على عبد الملك وهو يتردد (٨) في الخروج لمحاربة ابن الزبير ولا يجدّ ، فقال له : يا أمير المؤمنين ما لي أراك متلوما ينهضك الحزم ويقعدك العزم ، وتهمّ بالاقدام وتجنح إلى الإحجام. انقد (٩) لبصيرتك
__________________
(١) الجريب من الأرض ثلاثة آلاف وستمائة ذراع ، وقيل : عشرة آلاف ذراع.
(٢) عيّل الرجل : أهل بيته الذين يتكفل بهم ، وهم عياله.
(٣) الأبيات في الأغاني ١٨ / ١٣٢ والوافي ١٧ / ١٥٨.
(٤) عن المصدرين وم ، وبالأصل : «فدلك».
(٥) سقط البيت من المطبوع.
(٦) البيتان في الأغاني ١٨ / ١٣٣ والوافي بالوفيات ١٧ / ١٥٩.
(٧) في الأغاني والوافي : لها.
(٨) بالأصل وم : يروي ، والمثبت عن الأغاني ٨ / ١٣٣.
(٩) عن الأغاني ، وبالأصل : انفد.