الرسالة الثالثة
كتاب معيار الاختبار في ذكر المعاهد والديار
المجلس الأول
الحمد لله الذي انفردت صفاته بالاشتمال على أشتات الكمال ، والاستقلال بأعباء الجلال المنزّه عن احتلال الحلال ، المتّصفة الخلال بالاختلال ، المعتمد بالسؤال لصلة النوال ، جاعل الأرض كسكّانها متغايرة الأحوال ، باختلاف العروض والأطوال ، متّصفة بالمحاسن والمقابح عند اعتبار الهيئات والأوضاع والصنائع والأعمال على التفصيل والإجمال. فمن قام خيره بشرّه تحت خطّة الاعتدال ، ومن قصر خيره عن شرّه كان أهلا للاستعاضة والاستبدال ومن أربى خيره على شرّه وجب إليه شدّ الرحال ، والتمس بقصده صلاح الحال. وكثيرا ما اغتبط الناس بأوطانهم فحصلوا في الجبال على دعة البال وفازوا في الرمال بالآمال ، حكمة منه في اعتمار ربع الشمال ، وتفيء أكنافه عن اليمين والشمال إلى أن يدعو أهل الأرض لموقف العرض والسؤال ، ويذهل عن الأهل عظيم الأهوال. والصلاة على سيّدنا ومولانا محمّد المصطفى الذي أنقذ بدعوته الوارفة الظلال من ظلمات الضلال ، وجاء يرفع الأغلال ، وتمييز الحرام من الحلال ، والرضى عمّن له من الصحب والآل موارد الصدق عند كذب الآل.
أما بعد ، ساعدك السعد ، ولان لك الجعد ، فإن الإنسان وإن اتّصف بالإحسان وإبانة اللسان ، لما كان بعضه لبعض فقيرا ، نبيها كان أو حقيرا ، إذ مؤنته التي تصلح بها حاله ، لا يسعها انتحاله ، لزم اجتماعه وائتلافه على