مقدمة الطبعة الأولى
لسان الدين بن الخطيب (٧١٣ ـ ٧٧٦ ه ، ١٣١٣ ـ ١٣٧٤ م) وزير ملوك بنى الأحمر بغرناطة ، شخصية من أصحاب الثقافة الموسوعيّة المعروفة في ميادين العلم والسياسة. كتب حوله بحوث عديدة ، كشفت النقاب عن بعض مواهب هذا العبقري الداهنة. وقد سبق لي أن أسهمت في هذا المضمار بمجهود متواضع (١) ، وها أنذا أعاود الكرّة مرّة أخرى محاولا تناول هذه الشخصية العظيمة من زاوية أخرى ، وهي دراسته كرحّالة عظيم ، وذلك على ضوء ما قدّمه لنا من أوصاف دقيقة ، ومشاهدات صادقة ، للبلاد الأندلسيّة والمغربيّة التي زارها بنفسه.
والواقع أن الظروف العلميّة والسياسيّة التي تقلّب فيها ابن الخطيب ، أتاحت له الفرصة في الطواف بأنحاء مملكة غرناطة وبلاد المغرب الأقصى.
فمن المعروف أنه في أثناء صباه تلقّى العلم على شيوخ تلك البلاد ، وإن كانت هذه الفترة الأولى من حياته يكتنفها الغموض من حيث حركاته وسكناته. غير أن المصادر المعاصرة تشير إلى أسماء شيوخ له من كافّة أنحاء
__________________
(١) انظر (مختار العبادي : لسان الدين بن الخطيب ونزعاته الاقتصادية ـ مجلة لسان الدين ، الجزء التاسع والعاشر ، سبتمبر ـ أكتوبر سنة ١٩٥٤) وقد تفضل أستاذي المستشرق الإسباني الكبير غرسيه غومز ، فترجم هذا المقال إلى اللغة الإسبانية في مجلة الأندلس ، تحت عنوان : (Los Moviles economicos en La vida de Ibn AL JATIB ـ Andalus ٥٥٩١ Vol. xx fasc ١)