الرقّة. وأزقّتها قذرة ، وأسباب التطوف (٤٢٨) بها متعذّرة ومنازلها لنزائل الجند نازلة ، وعيون العدو لثغرها الشنيب مغازلة.
قلت فأرجذونة (٤٢٩) ، قال شر دار ، وطلل لم يبق منه غير جدار ، ومصام يرجع البصر عنه وهو حاسر ، وعورة ساكنها لعدم الماء مستأسر (٤٣٠) وقومها ذو بطر وأشر ، وشيوخها تيوس في مسالخ بشر ، طعام من يقوت منهم أو يعول التيوس والوعول ، وحرثها مغلّ ، وخلقها حسد وغلّ.
قلت فأنتقيرة (٤٣١) ، قال محل الحرث والأنعام ، ومبذر الطعام ، والمرأة التي يتجلّى بها وجه العام. الرحب والسهل ، والنبات الطفل ، والهشيم الكهل ، والوطن والأهل ، ساحت الجداول في فحصها الأفيح وسالت ، وانثابت حيّات المذانب (٤٣٢) في سقيها الرحب الجوانب وانسالت ، لا تشكو من نبوّ ساحة ، ولا تسفر إلا عن ملاحة ، ولا تضاهي في جدوى فلاحة وعظم ملاحه. إلا أنها جرداء الخارج ، بل مارد ومارج وشدّة فرّجها فارج ، لا تضبطها المسلحة للاتساع ، والدرع الوساع. قليلة الفواكه ، عديمة الملاطف والمفاكه. أهلها أولوا شرور وغرور ، وسلاح مشهور ، وقاهر ومقهور ، لا تقبل غريبا ، ولا تعدم مع العدو تثريبا.
قلت فذكوان (٤٣٣) ، قال روض وغدير ، وفواكه جلّت عن التقدير
__________________
(٤٢٨) في نسخة التصرف وإن كانت التطوف أصوب.
(٤٢٩) أرجذونه أو ارشذونه وهي أسماء مشتقّة من الاسم القديم Esteleduna ، ومعناه معصرة الزيت وتسمّى حالياArchidona ، وتقع في ولاية مالقه. راجع (Simonet ;Op.cit.p.٣٨ ;Ency.IsI.I ,p.٨٢٤).
(٤٣٠) يقع في الأسر لعدم وجود الماء وبالتالي عدم مقاومة حصار العدو.
(٤٣١) انتقيره اليوم Antequera ، وهي مدينة قديمة عامرة بالسكان وتبعد عن مالقه بنحو ٥٩ ك. م ..
(٤٣٢) المذانب : جداول المياه الضيّقة.
(٤٣٣) حصن ذكوان ويسمى اليوم Coin ويقع في غرب مالقه. ويروي ابن عذاري في كتابه البيان المغرب (ج ٢ ، ص ١٨٩) أن هذا الحصن أقيم في عام ٣٠٨ ه (٩٢٩ م) في أيام عبد الرحمن الثالث الأموي ، ليكون حصنا أماميا يواجه حصون عمر بن حفصون وأولاده الثائرين ضد حكومة قرطبة. راجع كذلك. (Simonet : Op.Cit p.١٨)