عنده ، حين إقامتي معه من الصلاة. ولما أردت النوم قال لي : اصعد إلى سطح الزاوية فنم هنالك وذلك أوان القيظ ، فقلت للأمير : بسم الله ، فقال لي (وما منا إلا له مقام معلوم) (٤٨) فصعدت السطح فوجدت به حصيرا ونطعا وآنية للوضوء وجرة ماء وقدحا للشرب. فنمت هنالك.
كرامة لهذا الشيخ
رأيت ليلتي تلك ، وأنا نائم بسطح الزاوية كأني على جناح طائر عظيم يطير بي في سمت القبلة ، ثم يتيامن ثم يشرق ثم يذهب في ناحية الجنوب ثم يبعد الطيران في ناحية الشرق وينزل في أرض مظلمة خضراء ويتركني بها فعجبت من هذه الرؤيا ، وقلت في نفسي : إن كاشفني الشيخ برؤياي فهو كما يحكى عنه! فلما غدوت لصلاة الصبح قدمني إماما لها ، ثم أتاه الأمير يلملك فوادعه وانصرف. وودعه من كان هناك من الزوار وانصرفوا أجمعين من بعد أن زودهم كعيكات صغارا. ثم صلى سبحة الضحى ، ودعاني وكاشفني برؤياي ، فقصصتها عليه فقال سوف تحج وتزور النبي صلىاللهعليهوسلم وتجول في بلاد اليمن والعراق وبلاد الترك وبلاد الهند وتبقى بها مدة طويلة وستلقى بها أخي دلشاد الهندي ، ويخلّصك من شدة تقع فيها ، ثم زوّدني كعيكات ودراهم ووادعته وانصرفت ، ومنذ فارقته لم ألق في أسفاري إلا خيرا وظهرت علي بركاته ، ثم لم ألق فيمن لقيته مثله الا الولي سيدي محمد الموله ، بأرض الهند.
ثم رحلنا إلى المدينة النّحرارية (٤٩) وهي رحبة الفناء ، حديثة البناء ، أسواقها حسنة الرواء ، وضبطها بفتح النون وحاء مهمل مسكن وراءين ، وأميرها كبير القدر يعرف بالسّعدي وولده في خدمة ملك الهند وسنذكره ، وقاضيها صدر الدين سليمان المالكي
__________________
(٤٨) السورة رقم ٣٧ ، الآية ١٦٤ ـ النّطع : البساط من الجلد.
(٤٩) النّحرارية كانت مدينة هامة ، غنية بأسواقها وفنادقها حسبما يرويه ابن دقماق (ت ٨٠٩ ـ ١٤٠٧) الذي يسميها (النحريرية).