واسمه بفتح الباء الموحدة واسكان الشين المعجم وتاء معلوة مفتوحة. وكل هؤلاء يتنافسون في أفعال الخيرات وبناء المساجد والزوايا.
ومنهم ناظر جيش الناصر وكاتبه القاضي فخر الدين القبطي (١٣٣) ، وكان نصرانيا من القبط فأسلم وحسن إسلامه ، وله المكارم العظيمة والفضائل التامة ، ودرجته من أعلى الدرجات عند الملك الناصر ، وله الصدقات الكثيرة والإحسان الجزيل ، ومن عادته أن يجلس عشى النهار في مجلس له باسطوان داره على النيل ويليه المسجد فإذا حضر المغرب صلى في المسجد وعاد إلى مجلسه وأوتى بالطعام ، ولا يمنع حينئذ أحدا من الدخول كائنا من كان ، فمن كان ذا حاجة تكلم فيها فقضاها له ومن كان طالب صدقة أمر مملوكا له يدعى بدر الدين واسمه لؤلؤ بأن يصحبه إلى خارج الدار وهنالك خازنه معه صرر الدراهم فيعطيه ما قدّر له ويحضر عنده في ذلك الوقت الفقهاء ، ويقرأ بين يديه كتاب البخاري (١٣٥) فإذا صلى العشاء الأخيرة انصرف الناس عنه.
ذكر القضاة بمصر في عهد دخولي إليها
فمنهم قاضي القضاة الشافعية وهو أعلاهم منزلة وأكبرهم قدرا واليه ولاية القضاة بمصر وعزلهم وهو القاضي الامام العالم بدر الدين بن جماعة (١٣٥) وابنه عز الدين هو الآن متولي ذلك ، ومنهم قاضي القضاة المالكية الامام الصالح تقي الدين الإخناءى (١٣٦) ومنهم
__________________
(١٣٣) تبوأ فخر الدين منصب المفتش المالي للجيش عام ٧١٠ ـ ١٣١٠ إلى وفاته عام ٧٣٢ ـ ١٣٣٢ .. وقد عهد إليه بتشييد عدد من مساجد القاهرة.
معلومات عن گيب (Gibb) نقلا عن : T.١.p.٥٥ Vote ١٧١ ZETTERSTEEN
(١٣٤) القصد إلى صحيح الامام البخاري المتوفّى سنة ٢٥٦ ـ ٨٧٠ ويعتبر كتابه هذا من أوثق المراجع في الحديث النبوي على ما هو معلوم.
(١٣٥) بدر الدين محمد بن ابراهيم ابن جماعة ، ولد بحماة عام ٦٣٩ ه كان من أشهر القضاة في عصره ، وقد تولى هذا المنصب ثلاث مرات بالقدس وبمصر وبالشام ، كان من خيار القضاة ، مليح الهيأة جميل البزّة مستدير اللحية ، ولم يسلم من هجو النصير الحمامي لكنه سامح هذا المعتدي. وأدركه أجله بمصر ، جمادى الأخيرة عام ٧٣٣ ـ مارس ١٣٣٣ ، له عدة تصانيف ، منها تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلّم" و" تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام" و" مستند الأجناد في آلات الجهاد وله رسالة في الأسطرلاب ... وقد تولى ولده عز الدين عبد العزيز ٦٩٣ ـ ٧٦٧ ـ ١٢٩٤ ـ ١٣٦٦ مرتين منصب القضاء. ـ ابن حجر : الدرر الكامنة ٣ ، ٣٦٧ ـ ٣٦٨.
(١٣٦) محمد بن أبي بكر الإخنائي المالكي ، تقيّ الدين ، اشتغل بالفقه على مذهب مالك وغيره ثم ولى قضاء الديار المصرية للمالكية ، وكان الناصر يحبه ويرجع إليه في أشياء ، أصيب بماء كاد يهدد بصره (GLaucome) ، فطلب من السلطان أن يمهل عليه إلى أن يعالج نفسه فأهمله ستة أشهر فقدح الطبيب عينيه فأبصر ... وقال عنه الناصر : لا أعزله أبدا ولو استمر أعمى حتى يموت!! مات بالطاعون الذي عم بديار البحر المتوسط أول عام ٧٥٠ ـ أواخر مارس ١٣٤٩. ـ الدرر ٤ ، ٢٧.