وأما خارج المدينة فهو بسيط أفيح عريض ، به المزارع العظيمة وشجرات الأعناب منتظمة به ، والبساتين على شاطىء نهرها ، وهو النهر الذي يمر بحماة ويسمى العاصي (٩٧) وقيل أنه سمي بذلك لانه يخيل لناظره أن جريانه من أسفل إلى علو ، والنفس تجد في خارج مدينة حلب انشراحا وسرورا ونشاطا لا يكون في سواها ، وهي من المدن التي تصلح للخلافة.
قال ابن جزي : أطنبت الشعراء في وصف محاسن حلب وذكر داخلها وخارجها وفيها يقول أبو عبادة البحتري (٩٨) :
يا برق أسفر عن قويق مطالبي |
|
حلب ، فأعلى القصر من بطياس (٩٩) |
عن منبت الورد المعصفر صبغه |
|
في كلّ ضاحية ومجنى الآس! |
أرض إذا استوحشت ثم أتيتها |
|
حشدت عليّ فأكثرت إيناسي |
__________________
(٩٧) النهر الذي يمر في حلب اسمه (القويق) وليس العاصي! ... وهذا من الهفوات التي يمكن أن يوقع فيها طول العهد بزيارة المكان ـ انظر تعليق الناشرين الأولين D.S. ـ صفحة ٤٣٢ ج I تعليق ١٥٢.
(٩٨) الوليد بن عيسى البحتري أبو عبادة ، شاعر كبير يقال لشعره : سلاسل الذهب ، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم : المتنبي وأبو تمام ، والبحتري ، أدركه أجله عام ٢٨٤ ـ ٨٩٨. ـ ابن خلكان : الوفيات ٦ ، ٢١ ـ ٢٢ وما بعدهما.
(٩٩) قويق : نهر حلب ، وبطياس موضع من حلب على بعد خمسة كيلومترات شرقيّها حيث يوجد قصر لأحد الأمراء العرب ، ويلاحظ أن القصر والقرية كانا معا قد خربا حوالي سنة ٦٢٢ ـ ١٢٢٥. هذا ويذكر (گيب) إنه قرأ في ديوان البحتري : (طرتي) مثنى : طرّة : ساحل النهر (Bonds) عوض (مطالبي) ، وكل المخطوطات التي بين أيدينا على : مطالبي أو فمطلبي أو فمطيتي ... ولا يوجد فيها أثر لحرف الراء ...