عليها شوارع مستديرة فيها دكاكين البزّازين وغيرهم ، وعليها شوارع مستطيلة فيها حوانيت الجوهريين والكتبيين وصناع أواني الزجاج العجيبة.
وفي الرحبة المتصلة بالباب الأول دكاكين لكبار الشهود : منها دكانان للشافعية ، وسائرها لأصحاب المذاهب ، يكون في الدكان منها الخمسة والستة من العدول (١٩٩) والعاقد للأنكحة من قبل القاضي ، وسائر الشهود مفترقون في المدينة ، وبمقربة من هذه الدكاكين سوق الورّاقين الذين يبيعون الكاغد والأقلام والمداد ، وفي وسط الدهليز المذكور حوض من الرخام كبير مستدير عليه قبة لا سقف لها تقلها أعمدة رخام وفي وسط الحوض أنبوب نحاس يزعج الماء بقوة فيرتفع في الهواء أزيد من قامة الانسان يسمونه الفوارة (٢٠٠) ، منظره عجيب.
وعن يمين الخارج من باب جيرون وهو باب الساعات : غرفة لها هيئة طاق كبير فيه طيقان صغار ، لها أبواب على عدد ساعات النهار ، والأبواب مصبوغ باطنها بالخضرة وظاهرها بالصفرة ، فإذا ذهبت ساعة من النهار انقلب الباطن الأخضر ظاهرا والظاهر الأصفر باطنا ، ويقال : إن بداخل الغرفة من يتولى قلبها بيده عند مضي الساعات (٢٠١).
والباب الغربي يعرف بباب البريد ، وعن يمين الخارج منه مدرسة للشافعية ، (٢٠٢) ، وله دهليز فيه حوانيت للشماعين ، وسماط لبيع الفواكه ، وبأعلاه باب يصعد اليه في درج له أعمدة
__________________
(١٩٩) الذي يقوم بوظيفة الشاهد أو الموثق نسميه في المغرب العدل ويجمع على عدول ، ومعلوم أن الإسلام يولي أهمية كبرى لاثبات الحق والتوثيق. تراجع الآية الكريمة رقم ٢٨٢ سورة البقرة : اذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه" وهي أطول آية في القرآن ...
(٢٠٠) المغاربة يطلقون على الفوارة : الخصة.
(٢٠١) هذه الساعة الشهيرة أنشأها نور الدين محمود بن زنكي الذي امتد حكمه من ٥٤٩ ـ ١١٥٤ إلى ٥٦٩ ـ ١١٧٤ ، وكانت تتوفر على ألية جدّ دقيقة على نحو ما نقرأه مفصلا عند ابن جبير ص ٢١٢. وقد كثر الاهتمام بأمر هذه الساعات المائية سواء في المشرق أو المغرب ... ساعات من القرن الرابع عشر في فاس للأستاذ برايس ، تعريب : عبد الهادي التازي ، مجلة المجمع العلمي العراقي ، المجلد ١٣ ، سنة ١٩٦٦ ١٣٨٥ ـ ـ التازي : جامع القرويين ، طبع دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، ١٩٧٢ ، ج ٢ ، ص ٢٤٥ ، التعليق : ٤٣ ... ـ التاريخ الدبلوماسي للمغرب ، ج ٧ ، ص ١٨ ، تعليق : ٤٣
(٢٠٢) في حديثه عن الخانقاه السّميساطية (الشافعية) قال ابن جبير : إن الشخص الذي اشتراها وأمر ببنائها وخصص لها أوقافا عديدة كان يحمل اسما عربيا. وكان قصده إلى علي بن محمد بن يحيى السلمي السّميساطي نسبة إلى سميساط جنوب شرقي تركيا فهو الذي عمر الخانقاه السّميساطية ، وتعرف اليوم بالشميساتية (رحلة ابن جبير ص ٢٣٦).