ويعزّيهم عنه ويذكر السلطان داعيا له وعند ذكر السلطان يقوم الناس ويحطون رؤوسهم إلى سمت الجهة التي بها السلطان ، ثم يقعد القاضي ويأتون بماء الورد فيصب على الناس صبا يبتدأ بالقاضي ثم من يليه كذلك إلى أن يعم الناس أجمعين ثم يوتى بأواني السّكّر وهو الجلّاب محلولا بالماء فيسقون الناس منه ويبدأون بالقاضي ومن يليه ثم يوتى بالتنبول (٢٩٦) وهم يعظمونه ويكرمون من يأتي لهم به فإذا اعطى السلطان أحدا منه فهو أعظم من إعطاء الذهب والخلع ، وإذا مات الميت لم يأكل أهله التنبول إلا في ذلك اليوم ، فيأخذ القاضي أو من يقوم مقامه أوراقا منه فيعطيها لولي الميت فيأكلها وينصرفون حينئذ وسيأتي ذكر التنبول إن شاء الله تعالى.
ذكر سماعي بدمشق ، ومن أجازني من أهلها
سمعت بجامع بني أمية عمّره الله بذكره ، جميع صحيح الإمام أبي عبد الله محمد ابن اسماعيل الجعفي البخاري رضياللهعنه على الشيخ المعمر ، رحلة الآفاق ملحق الأصاغر بالأكابر ، شهاب الدين أحمد بن أبي طالب بن أبي النّعيم بن حسن بن علي بن بيان الدين مقرئ الصالحي ، المعروف بابن الشّحنة الحجّار (٢٩٧) في أربعة عشر مجلسا ، أولها يوم الثلاثاء منتصف شهر رمضان المعظم سنة ست وعشرين وسبعمائة وآخرها يوم الاثنين الثامن والعشرين منه (٢٩٨) بقراءة الامام الحافظ مؤرخ الشام علم الدين أبي محمد القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي الإشبيلي (٢٩٩) الأصل الدمشقي ، في جماعة كبيرة كتب اسماءهم محمد بن طغريل بن عبد الله بن الغزّال الصيرفي ، بسماع الشيخ أبي العباس
__________________
(٢٩٦) من المهمّ أن نجد ابن بطوطة يتحدث منذ وصوله إلى دمشق ـ عن عادة كانت معروفة بالشام على ذلك العهد : تقديم ورق التنبول (La betel) في آخر الحفل ، فهو مؤذن بالانصراف!
(٢٩٧) القصد إلى ابن الشحنة أحمد بن أبي طالب ابن أبي النعم الحجّار الذي أدركه أجله عام ٧٣٠ ـ ١٣٣٠ ويلاحظ أن سائر النسخ التي بين أيدينا بما فيها مخطوطات باريز تذكر الحجار وليس الحجازي ، كما اختاره الناشران الفرنسيان من تلقائهما وتبعهما من نقل عنهما! قصده الطلاب من كل مكان وصام وعمره مائة سنة ، وكان حينئذ يغتسل بالماء البارد ولا يترك غشيان الزوجة! الدرر الكامنة ١ ، ١٥٢.
(٢٩٨) يعني من ١٥ إلى ٢٨ غشت ١٣٢٦ ، وهنا يعلق عليه البعض بأن الثلاثاء لم تكن هي منتصف رمضان وانّما هو الجمعة ولا الاثنين كذلك هو ٢٨ رمضان وانما هو الخميس!!
(٢٩٩) القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي الاشبيلي ثم الدمشقي من أكبر علماء وقته وقد أدركه أجله عام ٧٣٩ ـ ١٣٣٩ ، زار مصر والحجاز والف كتابا في التاريخ جعله صلة لتاريخ أبي شامة ... نسبته إلى برزالة من بطون البربر ... ابن حجر : الدرر ج ٣ ص ٣٢١ ـ ٣٢٢.