فقبل أبو مسلم يده.
فقال له : قتلني الله إن لم أقتلك.
فقتله القوم بين يديه والمنصور يقول : اضربوه قطع الله أيديكم.
فقال أبو مسلم : عند أول ضربة استبقني لعدوك.
فقال : لا أبقاك الله ؛ وأي عدو أعدى منك.
ثم أنشد :
زعمت أن الدّين لا ينقضي |
|
فاستوف بالكيل أبا مجرم. |
اشرب بكأس كنت تسقي بها |
|
أمر في الحلق من العلقم. |
وكان المنصور يشير دائما على أخيه السفاح بقتله فلم يقبل.
ولما سمع أصحابه بقتله اضطربوا فصرفت فيهم الأموال فسكتوا.
وخطبهم المنصور وقال (١) : " يا أيها الناس لا تخرجوا من (٢) أنس الطاعة إلى وحشة المعصية. وإن أبا مسلم بايع لنا على أنه من نكث فقد أباح دمه ثم نكث فحكمنا عليه لأنفسنا حكمه على غيره. ولم تمنعنا رعاية الحق في إقامة الحق عليه". انتهى.
وترجمة أبي مسلم معروفة فيها : كان لا يأتي النساء في السنة إلا مرة واحدة ، ويقول : الجماع جنون ويكفي الإنسان أن يجن في السنة مرة. وكان أشد الناس غيرة.
وقتله كان برومية المدائن ـ بليدة بالقرب من الأنبار ـ يوم الخميس لخمس بقين من شعبان ، وقيل لليلتين ، وقيل يوم الأربعاء لسبع خلون منه سنة سبع وثلاثين ومائة.
__________________
(١) أورد المسعودي الخطبة بشكل أوسع. انظر : (مروج الذهب : ٣ / ٣٠٥)
(٢) في المصدر السابق : (عن).