وفي معجم ما استعجم للبكري (ص ٦٤١) «وكانت عانة وهيت مضافتين إلى طاسيج الأنبار. وكانت الخمر الطيبة تنسب إليهما فلما حفر أنوشروان الخندق من هيت حتى يأتي كاظمة مما يلي البصرة وينفذ إلى البحر ، وجعل المناظر لعبث العرب في أرض السواد وما يليه ، خرب عانة وهيت بذلك السبب».
ويقول موسيل إنه فحص الأرض من جنوب غرب هيت إلى مسافة تقرب من ٢٥٠ كيلو مترا دون أن يقع على معالم أي خندق رغم انه أجهد نفسه للحصول على أثر واحد له ، فقد تكون القصة مستندة إلى التكوين الطبيعي للأرض ، إذ إنه على مسافة ٥٥ كيلو مترا جنوب شرقي هيت يبدأ نجد طار الحيبان وطار الصيهد وغيرهما من النجود التي تمتد شرقا ، ولكنها تشرف من الغرب على منخفض البحرة وجفر المالح مع جرف قائم الانحدار نوعا ما ، على أن في هذا الجرف فجوات في بعض مواضعه تختلف في السعة يمكن تتبعها مسافة بعيدة إلى الجنوب الشرقي ، ولا يزال يشاهد حتى الآن ، على بضعة كيلو مترات أسفل هيت بقايا نهر كبير للري ، يمتد إلى النقطة التي يبدأ منها جرف طار الحيبان الطبيعي. إن جميع المخافر الفارسية للحدود شيدت إلى شرق الجرف الذي كان يشكل لها نوعا من خط تحصين طبيعي. إذ لا يمكن أن تصعدها الإبل العربية بركابها وأحمالها إلا في المواضع القابلة للعبور.
وذكر ابن الأثير (١٠ : ٢٢١) أن أهل عانة نسبوا إلى الباطنية قديما ، فأنهي حالهم إلى الوزير أبي شجاع (١٠٨٣ ـ ١٠٩١ م) أيام المقتدي بأمر الله فأحضرهم إلى بغداد ، فسأل مشايخهم على الذي يقال فيهم فأنكروا وجحدوا فأطلقهم.
وفي تشرين الأول ١١٠٣ م استولى التركمان على مدينة عانة وحديثة ، وكان بيد بني يعيش ، فقصد بنو يعيش سيف الدولة صدقة بن مزيد ومعهم مشايخهم ، فسألوه الاصعاد إليها وأن يتسلمها منهم ، ففعل وصعد معهم ، فرحل التركمان عنها وعاد إلى حلته فرجع إليها التركمان وملكوها ونهبوا وسبوا جميع نسائها وانحدروا طالبين هيت من الجانب الشامي فبلغوا إلى