وفي ١٢٥٣ ـ ١٢٥٤ م أفرج بشفاعة الخليفة المستعصم عن الملك الناصر داود صاحب الكرك وكان قد اعتقله الملك الناصر يوسف بقلعة حمص ، وأمره ألا يسكن في بلاده ، فرحل الناصر داود إلى جهة بغداد فلم يمكنوه من الوصول إليها ، وطلب وديعته الجوهر ، فمنعوه إياها ، فبقي الناصر داود في جهات عانة والحديثة ، وضاقت به الأحوال وبمن معه فاتفق أن الأشرف صاحب تل باشر وتدمر والرحبة ويومئذ أرسل إليه سفينتين موسقتين دقيقا وشعيرا. وأخيرا أذن له في النزول بالأنبار وبينها وبين بغداد ثلاثة أيام.
وفي آثار البلاد للقزويني (ص ٢٨٠) : عانة بليدة بين هيت والرقة يطوف بها خليج من الفرات ، وهي كثيرة الأشجار والثمار والكروم ، ولها قلعة حصينة. ولكثرة كرومها العرب تنسب إليها الخمر. وأهل بغداد إذا شاهدوا ظلما قالوا الخليفة إذا في عانة ، وزمن هذا القول ١٠٥٩ م لما كان الخليفة القائم بأمر الله محبوسا في عانة ولم يعد منها حتى ربيع ١٠٦٠ م.
وفي آخر آب ١٣١٦ م سار مهنا بن عيسى وكان نازلا بالقرب من عانة إلى خربندة كبير المغول ، واجتمع به بالقرب من قنغرلان ، ثم عاد إلى بيوته. (أبو الفداء ٥ : ٣٠٨).
وفي تقويم البلدان لأبي الفداء (ص ٢٨٧) عانة بلدة صغيرة على جزيرة في وسط الفرات.
ويقول الحاج خليفة (فذلكة تواريخ) أن في سنة ١٦١٦ م كان أمير عانة وحديثة أحمد أبا ريش.
وفي ١٦٢٩ م جاء الأب فيليب الكرملي بعد مسيرة مرحلتين من الطيبة إلى الريبة (الرحبة) على نشز قريب من الفرات. بعد أن سار قليلا وجد جزرا صغيرة قرب عانة. ويقال إن هذه البلدة كانت أكبر بلدان البادية. وظلت مشهورة حتى خربها الفرس قبل ذلك بسنوات قلائل. وكانت تمتد على ضفتي الفرات مسافة ميل عند قاعدة جبل كان يفصلها عنه سور. وكان في جزيرة في النهر قلعة تصلها النيران المصوبة من الجبال المحيطة بها. وكانت عانة في زمنه نصفها خرب ، ويسكنها العرب واليهود فقط.