لوضع الأقراط فيها. والمرأة العربية الريفية تثقب ما بين منخريها لتعلق «خزامة» فارغة لتخفف من الثمن والثقل ، وبعضها في غاية الكبر حتى ليمكنك إدخال قبضة يدك فيها. وللمبالغة في تجميل أنفسهن يكتحلن. وفي البادية يكتحل الرجال كالنساء ، وقاية لعيونهم من وهج الشمس على ما يقولون.
والنصارى في بغداد ثلاث فرق : النساطرة ، ولهم كنيسة (١). والأرمن (٢) ، واليعاقبة وليس لهم كنيسة (٣) ، بل يصلون في كنيسة الكبوشيين الذين يقيمون لهم الشعائر الدينية. وعلى نحو ربع فرسخ من المدينة بيعة للنصارى يقصدونها للتعبد ، وهي باسم «خضر الياس» (٤). ولكي يسمح لهم بزيارتها ، يدفعون أجرة زهيدة للترك الذين بيدهم مفاتيح البيعة. وعلى مسيرة يومين من المدينة ، بيعة أخرى خربة في قرية حقيرة ، يقول النصارى إن مار شمعون ومار يهوذا استشهدا هناك ودفنا فيها. وإذا توفي نصراني ، حضر جميع النصارى إلى حفلة دفنه ، ثم يعودون إلى البيت ، فيجدون الطعام معدا لهم. وفي اليوم الثاني يعودون إلى القبر ويصلون على المتوفى ، وفي اليوم الثالث يهيئون عشاء للغادي والرائح ، وقد يجتمع أحيانا في أثناء الدفن نحو مائة
__________________
(١) هذه الكنيسة ما زالت قائمة في محلة الميدان ، وتعرف بكنيسة مسكنتا. وتعد من أقدم الكنائس القائمة اليوم في بغداد ، كانت فيما مضى للنساطرة ، ثم صارت بيد الأرمن الأرثوذكس سنة ١٧٤٤ م (راجع تفاصيل تاريخية عن هذه الكنيسة للأستاذ يعقوب سركيس. في لغة العرب ٩ (١٩٣١) ص ٥١٢ ـ ٥١٦).
(٢) للأرمن اليوم في بغداد كنيستان : الأولى للكاثوليك ، وتسمى كنيسة انتقال العذارء ، وتعرف بين عوام الناس بكنيسة (الدوغة) وقد بنيت في سنة ١٨٤٤ م ، في محلة النصارى (عقد الكنائس). والثانية للأرثوذكس وتسمى كنيسة الثالوث الأقدس ، وقد بنيت في سنة ١٨٥٣ م ، وهي في المحلة نفسها (عن الأب دير نرسيس صائغيان).
(٣) لليعاقبة أيضا كنيسة حديثة العهد ، في محلة البتاويين ، وقد بنيت سنة ١٩٣٤ م باسم السيدة العذارء.
(٤) ليس في بغداد اليوم كنيسة بهذا الاسم. والمعروف أن في الجانب الغربي من بغداد جامعا يعرف بجامع خضر الياس مطلا على دجلة (راجع تاريخ مساجد بغداد للآلوسي : ص ١٣٣ و ١٤٥).