أما جنائزهم ، فقد عنيت بملاحظة عاداتهم في ذلك ، فعندما يموت الزوج ، تكشف المرأة رأسها وتحل شعرها وترسله على أذنيها وتسود وجهها بسخام القدور وتصنع حركات غريبة تستثير ضحك الغرباء بدلا من دموعهم. ويحضر جميع الأقارب والأصدقاء والجيران إلى دار الميت ويمكثون هناك إلى ميعاد تشييع الجنازة. وفي ذلك الوقت تتزاحم النسوة بألوف الوسائل السخيفة إلى إظهار حزنهن ، وذلك بلطم خدودهن ، والعويل كالمجانين. ويبد أن فجأة بالرقص على صوت نقارة كالتي يحملها أصحاب الطبول والمزامير ، وتبقى النسوة ينقرن عليها نحو ربع ساعة. ومن جاري عاداتهم في المآتم ، أن تندب إحداهن الميت ، فيجبنها الباقيات بعويلهن وولولتهن التي تسمع من بعيد. ومن العبث أن يحاول المرء مواساة أبناء الميت ، لأنهم يبلغون حالا يفقدون معها رشدهم. وهم مضطرون إلى سلوك هذا السبيل ، وإلا نالهم اللوم والتقريع ، على عدم عطفهم على ذويهم الراحلين. وعند ما يحمل الجثمان إلى القبر ، يتقدمه رهط من الفقراء حاملين الأعلام التي تنتهي عصيها من أعلاها بأهلة ، وهم يندبون بألحان محزنة طول الطريق. ولا يباح للنساء مرافقة الجثمان ، لأنه لا يخول لهن الخروج من الدار إلا في أيام الخميس ، حيث يقصدن الضريح للصلاة على الميت. ومن عاداتهم أن النساء يذهبن صباح الأربعاء إلى الحمامات حيث يطيبن رؤوسهن وأبدانهن بالماء المعطر. وقد يخرجن أحيانا من الدار في غير هذه المناسبات ، وذلك عندما يأذن لهن أزواجهن بزيارة أقاربهن. ولكن في هذه الحالة ، عليهن بالتستر من أعلى الرأس حتى أخمص القدم ، حتى ليتعذر على ازواجهن أنفسهم تمييزهن إذا لاقوهن في الطريق. ونذكر في هذا الصدد أن النساء الفارسيات ، باستثناء الفقيرات منهن ، يفضلن المكوث كل أيام حياتهن في البيوت على الخروج بلا حصان. وهناك علامة تميز بها النساء البغايا من الحرائر ، ذلك أن البغايا يضعن أقدامهن في ركاب السرج ، بينما الحرائر يدخلن أرجلهن في جلد الركاب. والعادة الجارية بين نساء بغداد أنهن يكثرن من استعمال الحلي ، إلا إنهن لا يكتفين بلبس الحلي حول أعناقهن أو معاصمهن بل يعلقنها أيضا حول وجوههن ، ويثقبن آذانهن