من مادة الكيناء. أما «عبد الله الآخر» و «بارجة» فقد كانوا عطوفين. بعد ذلك ذهبت إلى سريري لأنام وقد نجحنا في تلك الرحلة ونتائجها ، وأشعر أنني قد عدت إلى بيتي أخيرا. قبل أن أنام ذكرت في مذكرتي الطباخ و «جوزي» ، أو «جوجي» ـ كما ينطقها البلوش ـ الذي كان يأبى أن يتعلم لغة البلوش وكان قصير القامة ممتلئ الجسم قصير التنفس وكان منظره وهو قادم من رحلة طويلة يرثى له. فقد كان كقديس أو ولي من أولياء الله ، لقد سمعته يتكلم مع سائقي الجمال بالهندوستاني ويشرح لهم عن «سانت فرانسيس» الذي يمشي تحت الأرض وهو يسخط ، ومن المتوقع أن يصعد إلى أعلى ليسأل لماذا هو الآن لا يقوم بعمله.
وكان أيضا يشرح لهم أي اعتذار قد قدم إلى قداسته ، كاعتذار عن حالة الفسق والهمجية من البشر المحيطين به ، بدون شك إن كل هذا لم يكن مفهوما لديهم.
الليلة وبينما كنت أحاول أن أنام سمعت صوته خارجا وهو يتكلم بالهندوستاني ويلاطف شخصا لا أعرفه يتوسل بقوة : «تعال إلى هنا ولنذهب إلى البيت كأصدقاء» «كيف لك أن تتصرف هكذا ، ألا تعرف أنها بلد بربرية مليئة بالحيوانات المتوحشة. كيف لك أن تتركني هكذا وتعلم أنني أريد أن أنام.
إنني قد استغربت لسماع هذا الحديث ولكنني أعلم أنه لا يوجد أحد في المخيّم يتكلم أو يفهم اللغة الهندوستانية غيري أنا ، فكان عندي حب الاستطلاع ونظرت من باب الخيمة لأرى ما يجرى خارجا. كان «جوزي» يضع الطيور في قفص صغير يمكن نقله وكان دائما يحب القنص ، وكنت أقول بأن «جوزي» قوي ، المهم أنه قد أمسك بها جميعا ما عدا الديك لأنه كان يطارده وقد صعد لأعلى الخيمة وحاول أن يلاطف الديك لينزل من أعلى الخيمة وكان كلامه غير فعّال وأخذ يزجره بعصاه القصيرة.