كانت هناك قرية (١) صغيرة وملامح السكان هنا تختلف عن أية أناس شاهدناهم من قبل ، كانت أعينهم كبيرة لامعة وبشرتهم زيتونية اللون ونظيفي المظهر. وقد حضر رئيسهم إلينا وطلب بشدة النرجيلة ، وعند ما ذبحنا الشاة ، جميع الرجال ألّحوا علينا أن نعطيهم بقايا الذبيحة وأحشائها.
وكانوا يريدون شراء المعطف الخاص بي. وكان عليّ أن أخرجهم من المخيم. وقد أقاموا في هذا المكان حديثا وكانوا من قبل يقيمون في (غابريغ) ولكن كان الأمير «عبد النبي» يتقاضى منهم الخراج وكانوا يظنون بأنهم سيكونوا في مأمن في المستقبل.
طريقنا الآن مستقيم على ساحل شديد الانحراف نحو الغرب. لقد ظهر الطريق أمامنا على ساحل رملي ، وعند اجتيازه كانت أقدام الجمال متكيّفة معه ، وكان بيننا وبين (جاسك) فقط نهران هما (غابريغ) و (جكين). في صباح اليوم التالي كنا في غاية الفرح. أنا و «صالح» اتجهنا إلى الأمام وقد رحلنا إلى النهر كما توقعنا وكان «صالح» يدفع الجمال بعنف قبل أن يرسل أولا شخصا ليستكشف عمق القاع.
يجري النهر قاطعا الرمال وله مظهر مختلف عن المجرى نفسه ، بينما كانت الرياح تعصف بين الجبال الصخرية. وبدلا عن الماء النظيف إننا نمشي الآن في ماء غير صاف ومساحة واسعة موحلة بينما لا يمكن أن ترى شيئا ، كان قاع النهر حوالي ثلاثمائة ياردة وفي هذا الفصل يبلغ وادي
__________________
(١) قد تكون هذه القرية ـ إن لم أخطأ ـ هي (هون) التي ذكرها الرحالة البرتغالي «تكسييرا» في كتابه عن ملوك هرمز وأنها في الأصل (عمون) تصغير (عمان) وتسكنها العديد من قبائلهم في هذه المنطقة. راجع Texirra ,Pedro. ، والقرية الأخرى Haymen «هيمن» وتعني حيل اليمن أو أهل اليمن تأسيا بأصول قبائلها التي استقرت في هذه المنطقة.