يقضون معظم هذه الليالي الجميلة في الماء كفرس النهر. أولا لم يكن لهم الرغبة لافساح المكان لنا ولكن بعد ذلك استطعنا أن نأخذ حماما جميلا للغاية.
في اليوم التالي كنا نبحر إلى (بوشهر) ، ونحن في طريقنا عبرنا بين حوالي ثلاثمائة مركب لصيد اللؤلؤ. كل سفينة لها مرساة «هلب» وفيها حوالي اثنى عشر مجدافا مثبتا في النصف على حافة المركب من الجانبين. وكل مجداف فيه حبل يتدلّى من آخره ، وبهذه الحبال يمسك الغطاسون عادة. وعند ما مررنا بجانبهم كنا نرى أحيانا العشرة غطاسين محلوقي الرأس ، سمر البشرة وهم يعلون ويهبطون في الماء في طرف الحبال المعلقة. فيغطس الأول وبعده الثاني وهكذا ، ويبدأون في الظهور ثانية وهم يرفعون أكياس اللؤلؤ إلى اعلى بأيديهم ويستعدون للغطس مرة أخرى ، لقد راقبت الغطاسين والوقت الذي يستغرقونه في الغطس ، فوجدت أن ما قاله السيد «إيمانويل» من مدة الغطاس في الماء مبالغ فيها. لأنني لم أرى شخصا يتمكن من الغطس تحت الماء لأكثر من دقيقة واحدة وإن ظل إلى خمسة وأربعون ثانية ، فعلا إنه لغطاس ماهر. وهؤلاء يعملون بجهد كبير وبتقاضون قليلا من الأجر.
إن بلدة (بوشهر) أو أبو المدن ـ هي أكبر المدن على الخليج ، ولكن القذارة في البلدة كانت تفوق مساحتها أكثر من أي مدينة أخرى ، فالطرق كانت تستعمل كبالوعات. والمدينة تبدو وكأنها منطقة حديثة ويقال بأنها شبه جزيرة خرجت أو ظهرت من البحر. وللأرمن هنا وجود قوي وتجارتهم قوية وتجارها الأغنياء لهم منازل تبعد حوالي ستة أميال عن المدينة ، وخلال المجاعة من المحتمل أنه قد تم فتح طرق فيها حوالي اثنين أو ثلاث لهذه المسافة ليتمكنوا من السفر للتجارة. كما أن بلدة (بوشهر) هي ميناء ل (شيراز) و (أصفهان) وكانت ترسل كميات من الأفيون