مسيرتنا ؛ لأنها تسبب لنا تأخيرا ، وعندئذ يفسد تنظيم خط سير رحلتنا.
وبعد إلقاء السلام يسأل كل الآخر ، مثلا : هل أنت بخير؟ هل أنت سليم معافى؟ هل كل الأهل بخير؟ هل أهل بيتك بخير؟ وأثناء الأسئلة تلتقي الأيدي ويقبّل كل واحد الآخر ثلاث مرات ، ثم يكررّ هذا السلام مرات عديدة ، بعد ذلك يسألون بعضهم عن الأخبار ويكررون السؤال أيضا ، وإذا صادف أن شخصا واحدا يواجه ثلاثة أشخاص عليه أن يسأل عن حال كلّ واحد على حدة ، وإذا كان أحدهم من كبار أبناء القبيلة اكتفى بأخذ الأخبار من أكبر واحد من الموجودين.
وبعد نهاية اللقاء والسؤال عن الصحة والأخبار استعدّ الضيف للرحيل ، ولما رأيته قد انصرف ، ناديت على رجالي لسؤالهم إن كان اتجاهه نحو الممر الضيق للنهر ، وأدهشني أنهم جميعا لم يخطر ببال أحد منهم أن يسأله هذا السؤال ، وخطر ببالي أن أتحرى شخصيا عن وضع النهر بدلا من الاعتماد على الرجال ، فوضعت القبعة على رأسي وذهبت للتحية والسلام على صديقنا الجديد ، وأخبرته أنني أود مرافقته إلى الممر الضيق للنهر ، فتوجهنا قدما وبخطوات واثقة نحو النهر وكان الرجل حذرا ، ويجعلني أتقدمه كلما ضاق الطريق.
واتضح أن صديقنا هذا كان جنديا مارا في طريقه من مخيّم «عبد النبي» إلى مركز قيادته في (جابريج) (١) ، وسمعنا بعد ذلك بأن هناك مسألة تتعلق
__________________
(١) جابريج أو غابريغ : هي مقر فرع أبناء الأمير «محمد» من أمراء آل دغار ، وهم أربعة : «اليشكري بن محمد» و «جمعة بن محمد» و «عبد النبي بن محمد» و «عبد الله بن محمد». وهؤلاء هم أبناء الفرع الذي آل إليهم الحكم بعد مقتل الأمير «حاجي» ، وآخر أمرائهم هو الأمير «بركت» ، وتعتبر (غابريج) منطقة زراعية وبها أشجار النخيل ومجمعات سكن للقبائل ومركز التراث الأدبي والشعر لقبائل المنطقة. ـ ـ وفيها أيضا حصلت ثورة الأمير ميرزا بن بركت مع القبائل المتحالفة معه وفيها تم حرق مراكز الجيش والشرطة في زمن محمد رضا شاه بهلوي آخر شاهات إيران والتي أطاحت به الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني عام ١٩٧٩.