بمحاولة أخرى لإعادة السيطرة على القلعة في (جاسك) التي سقطت في يد الأمير «يوسف».
وإنني لا أنسى أبدا سمات التكبر والغطرسة التي كان ينظر بها إليهم عند ادعائهم بأن النهر في مكان ما عميق وموحل جدا ، وكان يلوّح ببندقيته وكأنه يعلمهم متسائلا : «من قال أنه يوجد وحل هنا؟ أليست هذه آثار أقدامي من الأمس عند ما كان النهر أعلى منسوبا من اليوم؟» ، وبكل هدوء رفع الغلام فوق الجمل وخلع ملابسه وتوجه ماشيا نحو النهر ليعبره. كانت المياه في هذه القناة عميقة ومنحدرة من الناحية الأخرى ، ولكن عبورها لم يكن بالسهل أو المستحيل.
وبالرجوع إلى عبارة ـ استحالة عبور النهر ـ التي كان يكررها علينا «دادو» وهو الساكن الوحيد بالمنطقة الذي ظل يبيع البيض والدجاج واللبن لنا طوال فترة بقاءنا هنا. وبعد أن عبر الرجل النهر ، تجلى الموقف وأصبح طبيعيا بالنسبة لي أن أعبر أيضا ، فأصدرت أوامري للتحميل والرحيل في الحال. أما الجمال التي ذهبت لترعى لم تكن مفاجأة لي أن أراها ترعى على الضفة الأخرى من النهر.
وبعد الغروب كنا قد أنهينا التحميل وبدأنا بالمسير ، وكان أسوأ ما لقيناه هو الخوض في حوالي ٥ أقدام من المياه والوحل ، حتى أن «إبليس العجوز» الذي يتبعني كاد أن يترنح ويسقط بما يحمله من السكر والأرز والدقيق ، لو لا أن قام الرجال بإعادة توازنه بعد أن حملوا البضائع والصناديق على رؤوسهم.