كانت نصف ساعة مثيرة للأعصاب والجمال متفرقة في الظلام تعبر المياه الباردة. عموما ، مرّ كل شيء بسلام ، خاصة بعد أن وصلت الجمال على الضفة الأخرى من النهر وتأكدنا من سلامة مخزوننا من الطعام وزال القلق عنا.
ولكي نتحاشى البعوض خيّمنا في مكان بعيد عن الوحل والمياه ، وكانت الخيام التي أقامها «عبد الله» تشبه الأشجار الضعيفة مما جعلنا نلومه بأسلوب لطيف ؛ لأنه ركّز أوتاد الخيمة على الرمال الهشة وسقوط الخيمة ربما يؤدي إلى موتنا مؤكدا.
ولم يكن من السهل على «عبد الله» أن ينصب الخيمة لأنه ضعيف جدا ، وهو رجل كبير وطيب ، وأصبح بحكم عمره مسئولا عن الرجال ، ولم أعترض على ذلك حتى يحين الوقت لإيجاد شخص آخر مناسب بدلا منه ، ولكن هذا لم يحدث لأنه كان يفرض رأيه وبعض تعليماته خاصة عند ما نصبنا الخيمة. وبهذا نال استحسان الجميع ولم يكن ليسكت أبدا وإن لم يكن يوجد شيء للحديث عنه ، كان يقوم بأخذ عصا صغيرة ويبدأ في وصفها «كم هي جميلة ، آه كم هي حادة ، قوية كالمسمار ... الخ».
صحونا صباح اليوم التالي مبكرين مع الطيور ، وكان الجو شديد البرودة ، مما جعل الاستيقاظ باكرا صعبا على هؤلاء الرجال وذلك بالرغم من الأغطية الثقيلة التي سلمتها لهم. ويبدو أن السبب يكمن في أنهم كانوا لا يرتدون سوى ثوبا وقميصا بسيطا مع علمهم بسوء الطقس.
وقد بدا واضحا أيضا أن الحمولات الخاصة بالجمال لم تكن قد وضعت عليها بعد ، وكان علينا أن نستعجل لإنهاء هذا الأمر. وهنا بدأ «إسماعيل» بصوته الحاد في توزيع التعليمات ، حيث أن ثلاثة من الجمال المرافقة لنا هي ملك لأخيه الأكبر «عبد الله» وكان يحاسب على تحميلها