أحد ضفافه موحلا نتيجة لهذه الأمطار ، وهنأنا أنفسنا على أن سيرنا ليلا قد أنقذنا من البقاء على الجانب الآخر من نهر (جابريج) وبينما كان معسكرنا في (سذيج). انقضى هذا اليوم في تجفيف كل أغراضنا. حينها بدأت البحث من غير جدوى عن خنزير بري قيل أنه يزمجر غضبا ويحوم في منطقة ما حول معسكرنا ، بينما انصرف الرجال لشراء نعجة وطيور وسمن.
أما اليوم التالي فكان جميلا والنهر ـ بلا شك ـ لا يمكن عبوره ، ولكن تجربتي وخبرتي في (جغين) جعلتني لا أبالي بالأمر كثيرا ، وأخذت على عاتقي العبور مهما كان الثمن ؛ لأنه بالنسبة لي لا يمكن أن أكون مثل بعض أولئك الرجال الذين جلسوا على الضفة الأخرى من النهر في انتظار انخفاض المنسوب ، وهكذا أرسلت رجالي حاملين قوائم الأشجار ليتحسسوا بها القاع الرملي لمعرفة الأماكن الضحلة ، ثم بدأنا بالعبور ، وبدا جمل «تاجو» الفقير تعبا جدا نتيجة الحمولة الزائدة عليه من معدات الطبخ ، وكاد أن يأخذه السيل لو لا أن تداركنا الأمر فرفعناه وأنزلنا بعضا من المتاع عنه وحملناها ، حتى وصلنا إلى الضفة الأخرى من النهر.
الوصول إلى سوراك :
إن رحلتنا هذا اليوم إلى (سوراك) (١) كانت لحسن حظنا قصيرة ، حوالي ٥ أميال فقط ، وكان الطريق موحلا وزلقا ، فسلكنا أنا وصالح طريقا
__________________
(١) سوراك أو سورق : تبعد حوالي ٨ كم من سذيج ، وهي مشهورة ومشؤومة كما قالوا لأنها كانت المعركة الأخيرة التي أودت بأغلب عائلة الأمير «مراد بن مصطفى آل دغار» سواء من النساء والأطفال ـ كانت مجزرة إرتكبتها القوات العسكرية البهلوية ، لرضا شاه ولم ينج من أبنائه سوى «عبد الرحمن» و «حسين» ، وأصيب الأمير «مراد» إصابات بالغة ، فقد نظره خلالها ـ وبعدها ظل في (بنت) لفترة ثم حوصر في (يكدار) وأعدم لا حقا بتهمة التصدي للقوات الحكومية لرضا شاه بهلوي.