والنجاشي من جملة كتب سعد ، وأوردا أسانيدهما الصحيحة إليه ، ومؤلّفه في الثقة والفضل والجلالة فوق الوصف والبيان ، ونقل الشيخ في كتاب الغيبة والكشي في كتاب الرجال من هذا الكتاب » (٤٠) .
ويظهر من كلام المجلسي ـ وهو الخبير بكتب الطائفة وشؤونها ـ عدة اُمور :
الأول : أنّ ما ذكره النجاشي بعنوان ( فرق الشيعة ) هو بعينه ما ذكره الشيخ بعنوان ( مقالات الامامية ) ، وأنّ التسميتين لمسمّى واحد ، وإلى هذا الرأي يذهب علم الفنّ الشيخ آقا بزرگ الطهراني على مايظهر من موسوعته ( الذريعة ) حيث عنون كتاب سعد بفرق الشيعة تارة وبالمقالات اُخرى (٤١) .
الثاني : أنّ العنوان المثبّت في نسخة المجلسي ـ أعني « المقالات والفرق . . . الى آخره » ـ إنّما هو بيان لموضوع الكتاب ، وأمّا اسمه فهو أحد الاسمين عند النجاشي والطوسي .
الثالث : أنّ ما ذكره الكشي في كتاب الرجال نقلاً عن بعض أهل العلم ، إنّما هو منقول عن كتاب سعد هذا : ( المقالات ) ، ويؤكّد هذا أنّا نجد ما أثبته الكشي مطابقاً لما في المقالات حرفياً ، وإليك الموارد للمقارنة :
١ ـ في تعريف الفطحية : أصحاب عبد الله الأفطح (٤٢) .
٢ ـ في تعريف البشيرية ، أصحاب محمد بن بشير الأسدي (٤٣) ، وفي هذا المورد روى الكشي رواية جاء مؤلف المقالات سعد بن عبد الله الأشعري في سندها .
٣ ـ في التعريف بعبد الله بن سبأ ، المنسوبة إليه فرقة السبئيّة (٤٤) .
٤ ـ في التعريف بمحمد بن نصير النميري ، المنسوبة إليه فرقة النصيرية (٤٥) .
والذي يبدو بعد المقارنة أنّ الكشي ـ بالرغم من أنّ عبارته مطابقة بالنصّ لما في المقالات ـ لم يصرّح بالنقل عن كتاب الأشعري ، بل لم يسند كلامه إلى سعد صريحاً ، إلّا ما يسنده بعنوان مبهم ، كقوله : « بعض أهل العلم » مثلاً ، وإنّما صرّح باسم سعد في المورد الثاني كما أشرنا إلى ذلك في سند رواية أوردها ، وهذا التصرح وإن كان محتملاً للنقل عن كتابه بواسطة ابن قولويه إلّا أنّه ظاهر في التحمل الشفهي .
لكن المتراءىٰ من العلّامة المجلسي فهمه أنّ الكشي إنّما اعتمد أصل كتاب الأشعري : ( المقالات ) ، وكذا الاُستاذ إقبال لا يشكّ في ذلك ، فيقول ما ترجمته : « لكن يظهر بوضوح أنّ نقله إنّما هو من كتاب سعد دون غيره ، بمقارنة منقولاته [ الكشي ] بمنقولات الشيخ الطوسي » (٤٦) ، وذلك لأنّ منقولات الطوسي كما سيأتي مقتبسة من كتاب الأشعري بلا شكّ .
إنّما تبقى نقطة واحدة وهي الاختلاف
البسيط الذي يُرى بين منقولات الكشي ، والموجود في المقالات ، ولقد أجاب الاُستاذ إقبال عن هذه بقوله : « ولا يعبأ
بما يلاحظ من حذف أو زيادة في الكلمات والحروف ، فانّ ذلك لا يضّر بجوهر المضامين ،