واختيارها للامام الحسين عليه السلام من دون الرجال ، وتقريظ أمير المؤمنين عليه السلام لها بقوله للحسين عليه السلام : « ليلدنّ لك منها خير أهل الأرض » (١) ، لا يخفى عليه عمق التسديد الإلهي ، والإعداد الرباني للحادثة ،
وذكر أبو عبد الله الصادق عليه السلام جدّته اُم أبيه فقال : « كانت صدّيقة لم تدرك في آل الحسن عليه السلام امرأة مثلها » (٢) .
ويحدّثنا الصادق عليه السلام عن حميدة اُم الامام الكاظم عليه السلام فيقول : « حميدة مصفّاة من الأدناس ، كسبيكة الذهب ، ما زالت الأملاك تحرسها حتى اُديت إليّ ، كرامة من الله لي والحجّة من بعدي » (٣) .
وهكذا كل اُمهات الأئمة طاهرات مطهّرات مصطفيات ، لجليل ما يحملن ، وعظيم ما اختير لهن .
وبعد هذه الحقائق فنحن نجلّ شهربانويه أن تتلف نفسها في الفرات ـ وهي المصطفاة المختارة ـ مع تعارض هذا الفعل مع صريح الشرع المقدس .
٢ ـ إنّ النسخة المطبوعة من مقتل أبي مخنف خالية من هذه الرواية .
٣ ـ روى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام (٤) بسنده عن سهل بن القاسم النوشجاني قال : قال لي الرضا عليه السلام بخراسان : إن بيننا وبينكم نسباً ، قلت : وما هو أيها الأمير ، قال : إن عبد الله بن عامر بن كريز لمّا افتتح خراسان أصاب ابنتين ليزدجرد بن شهريار ملك الأعاجم ، فبعث بهما الى عثمان بن عفان ، فوهب احديهما للحسن والاُخرى للحسين عليهما السلام ، فماتتا عندهما نفساوين ، وكانت صاحبة الحسين عليه السلام نفست بعلي بن الحسين عليه السلام ، فكفل علياً بعض اُمهات ولد أبيه ، فنشأ وهو لا يعرف اُمّاً غيرها ، ثم علم أنها مولاته ، وكان الناس يسمونها اُمّه ، الخبر .
وذكر الراوندي في الخرائج والجرائح (٥) قدومها الى المدينة واختيارها للامام الحسين وكلام أمير المؤمنين عليه السلام معها ، الى أن قال : « ثم التفت الى الحسين فقال له : احتفظ بها ، وأحسن اليها ، فستلد لك خير أهل الأرض في زمانه بعدك ، وهي اُمّ الأوصياء الذرية الطيّبة فولدت علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام ، ويروى أنها ماتت في نفاسها به » الخبر .
______________________________
١ ـ الكافي ١ : ٣٨٨ / ١ .
٢ ـ الكافي ١ : ٣٩٠ / ٢ .
٣ ـ الكافي ١ : ٣٩٨ / ٢ .
٤ ـ عيون اخبار الرضا ٣ : ١٢٨ / ٦ وعنه في البحار ٤٦ : ٨ / ١٩ .
٥ ـ الخرائج والجرائح : ١٩٦ ، وعنه في البحار ٤٦ : ١٠ / ٢١ .