وأمّا زيارة القبور والتمسّح بها وتقبيلها والتبرّك بها ، فليس من ذلك في شيء كما هو واضحُ ، بل ليس فيها شيء من الخضوع فضلاً عن كونها غاية الخضوع.
مع أنّ مطلق الخضوع ـ كما عرفت ـ ليس بعبادة ، وإلاّ لكان جميع الناس مشركين حتّى الوهّابيّين! فإنّهم يخضعون للرؤساء والأمراء والكبراء بعض الخضوع ، ويخضع الأبناء للآباء ، والخدم للمخدومين ، والعبيد للموالي ، وكلّ طبقة من طبقات الناس للّتي فوقها ، فيخضعون إليهم بعض الخضوع ، ويتواضعون لهم بعض التواضع.
هذا ، وقد قال الله عزّ من قائل في تعليم الحكمة : ( واخفض لهما جناح الذّلّ من الرحمة )(٢٧).
أترى الله حين أمر بالخضوع للوالدين أمر بعبادتمها؟!
ويقول سبحانه : ( لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيِّ ولا تجْهَروا له بالقول ... ) إلى آخرها(٢٨).
أليس هذا خصوعاً وتواضعاً؟!
أترى الله سبحانه أمر بعبادة نبيّة؟!
أوليس التواضع من الأخلاق الجميلة الزكيّة ، وهو متضمّن لشيء من الخضوع لا محالة؟!
أوترى الله نهى يصنع بأنبيائه وأوليائه نظير ما أمر أن يصنع بسائر المسلمين من التواضع والخضوع؟!
وقد كان الصحابة يتواضعون للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ،
__________________
١ / ٢٤٢ ، ومادّة (عبد) في : لسان العرب ٣ / ٢٧٣.
(٢٧) سورة الإسراء ١٧ : ٢٤.
(٢٨) سورة الحجرات ٤٩ : ٢.