ذلك : «وإنما ذكرت هذه الحكاية ليعرف من وقف عليها وعلى غيرها ، نعمة الإسلام على الجماعة ، والسمع والطاعة ، فإن الأشياء لا تعرف إلا بأضدادها» (١).
أما ما قام به الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ ، رحمهالله ، في تحقيقه هذا التاريخ ، من إخراج تلك السوابق من ثنايا الأحداث ، وجعلها في آخر الكتاب ، فأنا أرى أن هذا النهج خالف مقصد المؤلف ، الذي كان يرمي من إيراد سوابقه في أماكنها إلى تحقيق الأهداف التي سعى إليها ، والتي ذكرتها أعلاه عن الخويطر ، وإن كان ابن بشر لم يستمرّ في ذلك. لقد كان الأولى في طبعة الدارة أن تكون السوابق في مقدمة الكتاب ، لتقدّم وقوعها ، وسبقها أحداث الكتاب نفسه ، ناهيك عن أن هذا هو المنهج الأمثل في كتابة تاريخ الدول ، وقيامها ، والإرهاصات التي مهدت لذلك.
ولعل سائلا يسأل فيقول : ما الذي تقدمه هذه السوابق في تاريخ نجد ، وهل أضاف ابن بشر شيئا لهذا التاريخ عندما ذكر تلك السوابق؟ وجواب ذلك ، أن ابن بشر حاول في هذه السوابق أن يجعلها في سياق المنهج الذي اختطه لنفسه ؛ كأن تكون متوازية ، بعيدة عن الإغراق في خصوصية إقليم ، أو منطقة ، أو أسرة ، فنجده يستبعد بعض السوابق التي تخص منطقة بعينها ، ولا فائدة لها تضيفها إلى السياق العام لهذا التاريخ.
__________________
(١) الخويطر ، عبد العزيز : عثمان بن بشر ، منهجه ومصادره ، ص ٤٣ ـ ٤٤. وهناك اختلاف في النص الذي نقلناه عن ابن بشر لاختلاف النسخة الخطية التي اعتمدنا عليها عن تلك التي نقل عنها الخويطر.