وأخيرا ، وبعد أحداث عدّة ، صدر حكم الكرسي الرسولي في تموز ١٧٧٩ بإلغاء رهبانيّة قلب يسوع التي أنشأتها هنديّة وبإقفال أديرتها ، وبتحويل دير سيدة بكركي ودخله إلى ما هو أولى بخير الطائفة المارونية.
دير سيّدة بكركي مقرّ البطريركيّة المارونيّة
أوّل بطريرك دفن في بكركي ، كان فيليبوس الجميّل الذي توفّي في عجلتون سنة ١٧٩٦ فنقل إلى بكركي ودفن فيها. غير أنّ دير سيدة بكركي ، حتى ذلك التاريخ ، لم يكن قد أصبح مقرّا ثابتا للبطريركيّة المارونيّة ، غير أنّه قد عقد فيه عام ١٨٥٦ بعهد البطريرك بولس مسعد (بطريرك ١٨٥٤ ـ ١٨٩٠) مجمعا عامّا عرف بالمجمع البلدي. ويعدّ هذا المجمع ، بحسب أكثر المؤرّخين الموارنة ، " أنجح وأطول مجامع الموارنة بعد المجمع اللبناني". أمّا المجمع اللبناني الذي عقد سنة ١٧٣٦ ، فكان قد اتّخذ من جملة مقرّراته التنظيميّة قرارا يقضي بأن يكون مقرّ البطاركة الموارنة الدائم في دير سيدة قنّوبين ، وبأن" يكون هذا المقرّ ثابتا لا يترك ولا يبدّل ولا يتقل إلى مكان آخر إلّا لداع شرعيّ مثبّت في مجمع كامل".
أمّا السبب الذي دعا المجمع اللبناني إلى اتّخاذ هذا القرار فكان ، برأينا ، كثرة تبديل البطاركة الموارنة لمراكز إقامتهم قبل ذلك التاريخ ، وقد لاحظنا من خلال البحث في هذا الموضوع أنّ البطاركة قبل انتقال البطريرك يوحنّا الجاجي من دير سيدة إبليج في ميفوق إلى دير سيدة قنّوبين في ظروف دراماتيكيّة سنة ١٤٠٠ بسبب مداهمة عسكر والي طرابلس لدير إبليج ، غالبا ما كان واحدهم يختار محلا للكرسي البطريركي في مسقط رأسه ، أو في أيّ مكان آخر قريب منه ، أو في أيّ دير يستنسبه ، فهناك ثلاثة بطاركة من لحفد