جبيل جعلوا مقرّ الكرسي في لحفد ، والبطريرك الجاجي نفسه قد جعل كرسيه في جاج قبل انتقاله إلى سيدة مبفوق ، وكان بطريركان سابقان من جاج قد جعلا بدورهما مقرّ إقامتهما في جاج. أضف إلى ذلك أنّ مضايقات من قبل الأسر الحاكمة قد اضطرّت بعض البطاركة منذ أواسط القرن السابع عشر إلى الانتقال من قنّوبين إلى مناطق أخرى كالشوف وجزّين وكسروان ، وقبل العام ١٤٠٠ ، تاريخ انتقال البطريرك الجاجي من سيدة قنّوبين ، كان مقرّ البطريركيّة قد تنقّل بين كفرحي ويانوح وهابيل وجاج ولحفد وإبليج وسواها.
في عهد البطريرك يوسف إسطفان (بطريرك ١٧٦٦ ـ ١٧٩٣) ، وهو من غوسطا في كسروان ، عقدت ثلاثة مجامع عامّة للطائفة المارونيّة قرّر في خلالها الآباء المجتمعون نقل المقرّ البطريركي من دير سيدة قنّوبين إلى دير سيدة بكركي. ونلاحظ أنّ المجامع الثلاثة المذكورة قد ترأسّها أحبار وبطاركة كسروانيّون ، فالمجمع الأوّل عقد في ميفوق في تمّوز ١٧٨٠ وترأسه النائب البطريركي المطران ميخائيل حرب الخازن بحضور قاصد رسوليّ ؛ والمجمع الثاني عقد في عين شقيق بالقرب من وطى الجوز في كسروان في أيلول ١٧٨٦ وترأسه البطريرك يوسف اسطفان الغسطاوي ؛ أمّا المجمع الثالث فقد عقد في دير سيدة بكركي بالذات سنة ١٧٩٠ على عهد البطريك يوسف إسطفان وبرئاسته أيضا وبحضور قاصد رسوليّ. ورغم بعض الاعتراضات التي برزت في المجمع الثالث ، فقد تقرّر في المجامع الثلاثة المذكورة نقل مقرّ الكرسي البطريركي الماروني إلى دير سيدة بكركي على أن يكون هذا الدير" مقرّا ثابتا لهذا الكرسي ، وأن تكون كلّ خيراته الثابتة والغير ثابتة ملكا مؤبّدا لكرسينا البطريركي ... وأن يقيم البطريرك دائما في هذا الدير ولا يذهب إلى غير أمكنة إلّا لأسباب داعية صوابيّة ، وفي مدّة غيابه الوجيزة