صدره ، ومنذ تلك اللحظة استقرّ رأي المطران الصيفي على تأسيس دير في المحلّة على اسم" دير المخلّص". وكان القرار ببناء الدير على أرض كانت ملكا لمشايخ آل القاضي في محلّة تسمّى" مشموشة". وفي سنة ١٧٠٩ كان قد تمّ إنشاء دير مؤلّف من عشرين غرفة سكن وكنيسة صغيرة ومطبخ ومائدة. في هذه الأثناء طلب المطران من صديقه الشيخ قبلان القاضي أن يبيعه المزرعة التي بني فيها الدير فتمّ له ذلك. وفي سنة ١٧٢٠ ارتفعت في أعلى نقطة من المزرعة كنيسة كانت تعدّ من أجمل كنائس الشرق وأكبرها ، هندسها وعمّرها سبعة رهبان بخلال ثلاث سنوات. ومع توالي الأيّام أصبح دير المخلّص يضمّ أبنية عديدة فخمة حسنة الرواء وفسيحة الرحاب ، ومدّت إليه المياه من الجليليّة ، وأحيط ببساتين نضرة فيها من كلّ فاكهة زوجان ، وجهّز بمطبعة عامرة تنشر ، ما عدا الكتب التاريخيّة والأدبيّة واللغويّة ، مجلّتين شهريّتين : " الرسالة المخلصيّة" و" النحلة". وضمّ الدير مكتبة كبيرة حوت عددا ضخما من الكتب والمخطوطات أصابها الحريق ١٨٦٠ فقضى على أكثرها ، وسرق العديد ممّا سلم منها واستعمل في الدكاكين لصرّ البضائع ، وكان ما استردّه وكيل الدير خمسة أحمال جمال من الكتب ، بني لها ١٩٠٤ قاعدة كبيرة جهّزت برفوف خشبيّة ثمينة. وجاء عن مكتبة دير المخلّص أنّها تعتبر" من أغنى المكتبات في لبنان ، فهي تضمّ ثمانية عشر ألفا وستماية مجلّد ، وتحوي مجموعات تاريخيّة قيّمة جدّا بينها كتاب مطبوع سنة ١٤٩٦ ، أي ٢٨ عاما بعد وفاة غوتنبرغ مخترع الطباعة ، و ٣٤ سنة بعد ظهور أوّل كتاب مطبوع ، وبينها أيضا كتاب الأناجيل المطبوع باللغة العربيّة في روما ١٥٩١ ، وهو أوّل كتاب عربيّ صادر عن مطبعة. وتضمّ مجموعة من أغنى وأثمن المجموعات في الليتورجيا والموسيقى البيزنطيّة. وفي الدير أيضا مكتبة للمخطوطات تحوي ٠٣٠ ، ٢ مخطوطا وهي أضخم مجموعة من نوعها في