معبر نهر الكلب والنقوش الأثريّة
تشكّل طبيعة الرأس الصخريّ الداخل في البحر عند مصبّ نهر الكلب حاجزا طبيعيّا بين الشمال والجنوب من جبل لبنان ومن الشاطئ اللبنانيّ ، ما أكسب هذا الموقع أهميّة تاريخيّة على مدى الأجيال ، إذ كان العبور عليه يتطلّب تحمّل مشاقّ كبرى ، خاصّة بالنسبة للجيوش وللفاتحين. وكان هذا الموقع على مرّ العصور يسمّى بالمعبر ، وقد أطلق عليه العثمانيّون تسمية" الدربند" أي المعبر بلغتهم ، وكان المماليك من قبل قد وضعوا على جانبيه أسرا تركمانيّة لحمايته لا زالت الأزواق تحمل أسماء جدودها وهي : زوق الخراب وزوق مصبح وزوق مكايل. وبالنظر للأهميّة الاستراتيجيّة لهذا الموقع ، كان الفاتحون يحفرون على صخوره نقوشا تخليدا لذكرى انتصاراتهم بتمكّنهم من عبوره. وفي ما يلي تعريف بأبرز تلك النقوش.
رعمسيس الثاني
كان أوّل من افتتح متحف عظماء التاريخ على الصخور الكلسيّة الواقعة عند مصبّ نهر الكلب ، رعمسيس الثاني (١٣٠١ ـ ١٢٣٥ ق. م) الذي خلّد ذكرى انتصاراته بكتابة النقوش ، وقد نقش رعمسيس هذه الرموز أثناء حملاته العديدة التي شنّها على المدن الفينيقيّة مستهدفا الحثيّين الذين كانت مملكتهم في الشمال. ويعتقد بعض المؤرّخين أنّ رعمسيس كان يقصد أن يجعل من هذه الصخور نقطة حدود شماليّة لممتلكاته.
يظهر رعمسيس في أحد هذه النقوش وهو يقدّم أسيرا ضحيّة لإلهه" فتاح". وقد خربت الجيوش الفرنسيّة نصبا آخر لرعمسيس ، كان ممسكا فيه بشعر أسير أمام الإله" أمون ـ رع".