وسيلتان للإحراز الوجدانيّ :
إحداهما : التواتر في الروايات الدالّة على حجّيّة خبر الواحد.
والاخرى : السيرة.
أمّا الوسيلة الاولى فتقريب الاستدلال بها : أنّ حجّيّة خبر الواحد يمكن اقتناصها من ألسِنَة رواياتٍ كثيرةٍ تشترك جميعاً في إفادة هذا المعنى وإن اختلفت مضامينها ، وبذلك يحصل التواتر الإجمالي ، ويثبت بالتواتر حجّيّة خبر الواحد الواجد من المزايا لما يجعله مشمولاً لمجموع تلك الروايات المكوّنة للتواتر ، فإذا اتّفق وجود خبرٍ من هذا القبيل يدلّ على حجّيّة خبر الواحد في دائرةٍ أوسعَ اخذ به.
وأمّا الوسيلة الثانية فتقريب الاستدلال بها يشتمل على الامور التالية :
أوّلاً : إثبات السيرة ، وأنّ المتشرّعة والرواة في عصر الأئمّة كانوا يعملون بأخبار الثقات ولو لم تُفدهم الاطمئنان الشخصيّ ، وفي هذا المجال يمكن استعمال الطريق الثالث من طرق إثبات السيرة المتقدّمة ؛ وذلك لتوفّر شروطه ، فإنّه لا شكّ في وجود عددٍ كبيرٍ من هذه الروايات بأيدي المتشرّعة المعاصرين للأئمّة ودخول حكمها في محلّ ابتلائهم على أوسع نطاق ، فإمّا أن يكونوا قد انعقدت سيرتهم على العمل بها من أجل تلقّي ذلك من الشارع ، أو جرياً على سجيّتهم ، وإمّا أن يكونوا قد توقّفوا عن العمل بها.
والأوّل هو المطلوب ، إذ تثبت بذلك السيرة الممتدّة في تطبيقها إلى المجال الشرعيّ.
وأمّا الثاني فليس من المحتمل أن يؤدّي توقّفهم إلى طرح تلك الروايات جميعاً بدون استعلام الحكم الشرعيّ تجاهها ؛ لأنّ ارتكاز الاعتماد على أخبار الثقات وكون طرح خبر الثقة على خلاف السجيّة العقلائيّة يَحول عادةً دون التوافق على الطرح بلا استعلام ، والاستعلام يجب أن يكون بحجم أهمّيّة المسألة ، وهذا يقتضي