لاختيار الإمام بآرائها؟! وكيف يصلحون لاستنباط الأحكام الشرعية واستخراجها بعقولهم الناقصة وآرائهم المتفاوتة؟!» (١).
وفي اواخر القرن الرابع يجيء الشيخ المفيد فيسير على نفس الخطّ ويهجم على الاجتهاد ، وهو يعبّر بهذه الكلمة عن ذلك المبدأ الفقهي الآنف الذكر ، ويكتب كتاباً في ذلك باسم «النقض على ابن الجنيد في اجتهاد الرأي» (٢).
ونجد المصطلح نفسه لدى السيّد المرتضى في أوائل القرن الخامس ، إذ كتب في الذريعة يذمّ الاجتهاد ، ويقول : إنّ الاجتهاد باطل ، وإنّ الإمامية لا يجوز عندهم العمل بالظنّ ، ولا الرأي ، ولا الاجتهاد» (٣).
وكتب في كتابه الفقهيّ «الانتصار» ـ مُعرِّضاً بابن الجنيد ـ قائلاً : إنّما عوَّل ابن الجنيد في هذه المسألة على ضربٍ من الرأي والاجتهاد ، وخطؤه ظاهر (٤).
وقال في مسألة مسح الرجلين في فصل الطهارة من كتاب الانتصار : «إنّا لا نرى الاجتهاد ، ولا نقول به» (٥).
واستمرّ هذا الاصطلاح في كلمة «الاجتهاد» بعد ذلك أيضاً ، فالشيخ الطوسيّ ـ الذي توفِّي في أواسط القرن الخامس ـ يكتب في كتاب «العدّة» قائلاً : «أمّا القياس والاجتهاد فعندنا أنّهما ليسا بدليلين ، بل محظور استعمالهما» (٦).
وفي أواخر القرن السادس يستعرض ابن إدريس في مسألة تعارض البيّنتين
__________________
(١) علل الشرائع : ٦٢ و ٦٣ ، الباب ٥٤ ، ذيل الحديث ١ و ٢
(٢) ذكره النجاشي في فهرسته : ٤٠٢ / ١٠٦٧
(٣) الذريعة الى اصول الشريعة ٢ : ٦٣٦ و ٦٤٦ ، نقلاً بالمعنى
(٤) الانتصار : ٤٨٨ مسألة (٢٧١)
(٥) المصدر السابق : ١١٣ ، مسألة (١٤) ، مضموناً
(٦) عدّة الاصول ١ : ٣٩