البحث
البحث في الآداب الطبّيّة في الإسلام
الصيدلة على هذه الصورة (١) ، كما ان الشيخ الرئيس ابن سينا قد ذكر الكثير من المواد الطبية ، التي لم تكن معروفة للقدماء ، وهي من مكتشفات ابن سينا نفسه ، والقسم المربوط بالنباتات الطبية المستعملة في امراض الكبد ممتاز جدا ، وهو مطابق تماما مع الطب اليوم ، كما ان آثار الادوية في الطب من حيث وظائف الاعضاء وقراباذين الادوية صحيحة جدا (٢).
كما ان الصيدلة تعتمد كثيرا على صناعة الكيمياء ، وقد قطع المسلمون شوطا كبيرا في هذا المجال ، الامر الذي مكنهم من اختراع الكثير من الادوية التي لا تزال مستعملة حتى اليوم.
امتحان الصيادلة :
ولقد كان الصيادلة كثارا ، وشاع الغش منهم في الادوية ، فدعت الضرورة الى امتحانهم ، واعطاء الاجازات او المنشورات الى من تثبت اهليته وامانته وحرمان الاخرين ، ومنعهم من مزاولة هذه الصنعة.
ولقد التفتوا الى هذا الامر في وقت مبكر ، اي من زمن المأمون ، الذي كتب اسما لا يعرف ولا واقع له ، وارسله الى الصيادلة ليبتاع منهم ، فكلهم ذكر : ان هذا الدواء عنده ، واخذ الدواء واعطاه شيئا من حانوته ، فصاروا الى المأمون باشياء مختلفة ، فمنهم من اتى ببعض البزور ، ومنهم من اتى بقطعة من حجر ، ومنهم من اتى بوبر.
وفي زمن المعتصم قال الافشين لزكريا الطيفوري : « يا زكريا ضبط هؤلاء الصيادلة عندي اولى ما تقدم فيه ، فامتحنهم ، حتى نعرف الناصح منهم من غيره ، ومن له دين ، ومن لا دين له ».
فامتحنهم الافشين بمحنة المأمون ، فوقعوا فيما وقعوا فيه اولا ، فكانت
__________________
(١) تاريخ التمدن الاسلامي ، المجلد الثاني ص ٢٠٣.
(٢) تاريخ طب در ايران ج ٢ ص ٥٧١ و ٥٨٧.