اعتمد العاقل على كفاحه ـ انتصر المكافح بعمله ـ يقال فى بناء الفعلين للمجهول : اعتمد على الكفاح ـ انتصر بالعمل (١).
٥ ـ إن كان الماضى الثلاثى معلّ العين (٢) ؛ واويّا كان أو يائيّا ـ مثل : صام ، باع ـ وبنى للمجهول ، جاز فى فائه عند النطق أو الكتابة ، إما الكسر الخالص ؛ فينقلب حرف العلة ياء ؛ نحو : صيم ، بيع ، وإما الضم الخالص ،
__________________
(١) وفى هذا يقول ابن مالك :
وثالث الّذى بهمز الوصل |
|
كالأوّل اجعلنّه كاستحلى |
أى : أن الحرف الثالث من الفعل المبدوء بهمزة الوصل يضم كالأول. ومثّل له بالفعل «استحلى» المبنى للمجهول. وأصله : «استحلى» مبدوءا بهمزة وصل. فلما بنى للمجهول ضم الحرف الأول والثالث منه.
ومما يلاحظ فى البيت أن كلمة : «ثالث» ... بالنصب تعرب مفعولا به لفعل محذوف يسره الفعل الآتى بعده ؛ وهو : «اجعل» المؤكد بالنون. مع أن الفعل المؤكد بالنون لا يصلح أن يعمل فيما قبله ، ولا أن يفسر عاملا محذوفا قبله. كذلك إعراب «كالأول» فإنه جار ومجرور متعلق بالفعل المتأخر عنه المؤكد بالنون ، وهو : «اجعل» والفعل المؤكد بالنون لا يصح أن يتعلق به شبه جملة قبله ، وهذا هو الرأى الأقوى والأفصح. ويخالفه رأى آخر أقل شيوعا وقوة وهو مقبول فى شبه الجملة .. لكن ابن مالك يقع فى هذه المخالفة كثيرا لضرورة النظم. وقد سبق لها نظائر فى الجزء الأول والمعربون يلتمسون تأويلات وتقديرات لتصحيح مخالفته. ولا داعى لشىء من هذا ، لما فيه من تكلف وتعسف. ويكفى التصريح بأن النظم قهره على ارتكاب المخالفة ؛ وهذا هو السبب الحق.
(٢) معل العين «ما يكون وسطه حرف علة» ويخضع لأحكام «الإعلال» المعروفة فى الباب الخاص بهذا (ج ٤). ومنها : قلب حرف العلة الواو أو الياء ألفا ، فى نحو صام ـ هام ... فأصلهما صوم ـ هيم ـ .. ومنها : نقل حركة حرف العلة الواقع عين الكلمة إلى ساكن صحيح قبله بالشروط المذكورة هناك ؛ نحو : يقوم ، وأصله : يقوم ... إلى غير ذلك من أحكام «الإعلال» التى تدخل على حرف العلة ؛ فتحدث به تغييرا.
فإن كان حرف العلة الواقع عين الفعل لا يخضع للأحكام السالفة فإنه لا يسمى : «معلا» ، وإنما يسمى : «معتلا» وجاز فى فائه من الحركات الثلاث ما يجوز فى فاء الفعل الصحيح ؛ مثل : عور ـ هيف ـ اعتور ... وغيرها من الأفعال المشابهة لها ؛ فإنها تسلك مسلك الفعل الصحيح عند بنائها للمجهول ـ كما قلنا.
والشائع بين النحاة أن حروف العلة الثلاث (وـ ا ـ ى) إذا سكنت وكان قبلها حركة مجانسة لها سميت : حروف علة ، ومد ، ولين. فإن لم تجانسها الحركة التى قبلها سميت : حروف علة ولين. فإن تحركت فيه حروف علة فقط (راجع حاشية الخضرى «ج ٢» أول باب : الإعلال بالنقل.)
ومن النحاة من يطلق اللين على حرف العلة المتحرك. وهذا مخالف للشائع ، كما قال الخضرى فى المرجع السالف ـ (وقد سبقت لهذا إشارة فى ج ١ م ١٦ هامش ص ١٦٩ من الطبعة الثالثة ـ وسيجىء التفصيل الأوضح فى ج ٤ فى بابى «الترخيم» و «الإعلال والإبدال»).