فينقلب حرف العلة واوا ، نحو : صوم ، بوع ، وإما الإشمام (١) ـ وهذا لا يكون إلا فى النطق ـ والكسر أعلاها ، فالإشمام ، فالضم. وكل واحد من الثلاثة جائز بشرط ألا يوقع فى لبس ، وإلا وجب العدول عنه إلى ضبط آخر لا لبس فيه ؛ فكثير من الماضى المعلّ الوسط قد يوقع فى اللبس إذا بنى للمجهول ، وأسند لضمير تكلم ، أو خطاب ؛ سواء أكان الضمير فيهما للمفرد المذكر أم لغيره ، وكذلك إذا أسند لنون النسوة الدالة على الغائبات. فالفعل : «ساد» ـ وأشباهه ـ فى نحو : «ساد الرجل قومه بالفضل» إذا أسندناه لضمير متكلم أو مخاطب من غير أن يبنى للمجهول ، قلنا عند الضم : «سدت». ولو بنينا الفعل للمجهول ، وقلنا : «سدت» أيضا (٢) ؛ لوقع اللبس حتما بين هذه الصورة التى بنى فيها للمجهول والصورة السالفة التى لم يبن فيها للمجهول. وفرارا من اللبس الذى ليس معه قرينة تزيله ، يجب البعد عن ضم الحرف الأول (٣) فى هذه الصورة المبنية للمجهول ، ولنا بعد ذلك استعمال الكسر ، أو : الإشمام.
__________________
(١) الإشمام ـ عند النحاة ـ هو : النطق بحركة صوتية تجمع بين الضمة والكسرة على التوالى السريع ، بغير مزج بينهما ؛ فينطق أولا بجزء قليل من الضمة ، يعقبه جزء كبير من الكسرة ؛ يجلب بعده ياء. فالجمع بين الحركتين ليس معناه الخلط بينهما فى وقت واحد خلال النطق ؛ وإنما معناه مجيئهما على التعاقب السريع بالطريقة التى أسلفناها.
(٢) لإيضاح هذا المثال وأشباهه نقول فى : «ساد الرجل قومه بالفضل» إذا أسند الماضى المبنى للمعلوم إلى ضمير المخاطب مثلا ؛ صارت الجملة : سدت قومك بالفضل ـ بضم السين ـ فإذا صارت الجملة : يا مهمل سادك النابغ .. وأردنا بناء الفعل للمجهول مع إسناده للمخاطب أيضا فإننا نحذف الفاعل «النابغ» ونقيم المفعول به (وهو : كاف الخطاب) مقامه. ولما كان الضمير «الكاف» لا يقع فى محل رفع وجب استبداله ووضع ضمير آخر بمعناه فى مكانه ؛ بحيث يصلح الضمير الجديد أن يكون فى محل رفع نائب فاعل. لهذا نجىء بدله بضمير الخطاب التاء : فنقول عند بنائه للمجهول : يا مهمل سدت ؛ أى : صرت مسودا ، لا سيدا ؛ بمعنى أن غيرك صار سيدك. فالصورة الشكلية للفعل واحدة عند الضم ، فى حالتى بنائه للمعلوم والمجهول ، وفيها يقع اللبس. وللفرار منه منعوا فى المبنى للمجهول ضم أوله إن كانت عينه ألفا أصلها واو ... إلا نحو : خاف ـ كما سيجىء هنا.
(٣) لا يجوز الضم فى الواوى إلا إذا كان ماضيه فعل (بكسر العين) ومضارعه على وزن : يفعل (بفتح العين) نحو : خاف ـ يخاف (وأصله : خوف ـ يخوف). ذلك أن الفعل : «خاف» وأشباهه ـ إذا أسند وهو مبنى للمعلوم لمخاطب ـ مثلا ـ يصير : خفت ، بكسر أوله ، وحذف وسطه ، طبقا لقواعد الإسناد. فلو بنى للمجهول وكسر أوله لأوقع فى لبس ؛ بسبب تشابه صورتى الفعل فى حالتى بنائه للمعلوم وللمجهول. والفرار من هذا اللبس يوجب ضم أوله عند بنائه للمجهول أو الإشمام.