زيادة وتفصيل :
(ا) ورد عن العرب أفعال ماضية تشتهر بأنها ملازمة للبناء للمجهول ، سماعا عن أكثر قبائلهم. وهى الأفعال التى يعتبرها اللغويون مبنية للمجهول فى الصورة اللفظية ، لا فى الحقيقة المعنوية ؛ ولذلك يعربون المرفوع بها فاعلا ؛ وليس نائب (١) فاعل. ومن أشهرها : هزل ـ زكم ـ دهش وشده ، وهما بمعنى واحد. ومنها : (شغف بكذا ، وأولع به ، وأهتر به ، واستهتر به ، وأغرى به ، وأغرم به ... ، وكلها بمعنى واحد ؛ هو : التعلق القوى بالشىء). ومنها : أهرع ، بمعنى : أسرع. ومنها : نتج. ومنها : عنى بكذا ؛ أى : اهتم به. ومنها : حمّ فلان (بمعنى أصابته الحمّى) ـ أغمى عليه ـ فلج ـ امتقع لونه (بمعنى تغيّر) ـ زهى (بمعنى تكبر) ... و (٢) ...
لكن ما حكم مضارع هذه الأفعال؟ أيجب بناؤه للمجهول مثلها ، أم يتوقف أمره على السماع الوارد من العرب فى كل فعل؟ الصحيح أنه مقصور على السماع الوارد فى كل فعل. ومنه فى الشائع : يهرع ، يعنى ، يولع ، يستهتر.
بقى توضيح المراد من أن تلك الأفعال الماضية ملازمة للبناء للمجهول سماعا عن أكثر القبائل :
يرى أكثر النحاة أن المراد هو عدم استعمالها فى معانيها السالفة مبنية للمعلوم ؛ تقول : شدهت من الأمر ، بالبناء للمجهول ، ولا يصح عند هؤلاء شدهنى الأمر ، بالبناء للفاعل ، لاعتمادهم على ما جاء فى كتاب : «فصيح ثعلب» ، ونحوه من التصريح القاطع بأنها لا تبنى للمعلوم.
__________________
(١) وهذا فى الرأى الشائع الذى ورد صريحا فى كثير من المراجع : كالقاموس المحيط ، فى مقدمته تحت عنوان : «مسألة» ـ وكالخضرى ، فى مواضع متفرقة ، منها : باب «أبنية المصادر» ، عند الكلام على مصدر «فعل» اللازم ... ـ إلا إن كان المبنى للمجهول لزوما غير رافع الاسم بعده ؛ نحو : سقط فى يد المتسرع ، (بمعنى : قدم) ، فشبه الجملة نائب فاعل ؛ ليس بفاعل : لأن الفاعل لا يكون شبه جملة.
(٢) عقد «ابن سيده» فى كتابه : «المخصص» (ج ١٥ ص ٧٢) بابا سماه ما جاء من الأفعال على صيغة ما لم يسم فاعله.