ورأيت للإطالة عجز ـ لم ينصب كل من الفعلين شيئا فى الظاهر ، بسبب وجود «لام الابتداء» التى فصلت بين كل فعل ناسخ ومفعوليه ـ وهى من ألفاظ التعليق ، أى : من الموانع ـ ، ولكن هذا الفعل ينصب المحلّ ؛ فنقول عند الإعراب : «البلاغة» : مبتدأ ـ «إيجاز» : خبره. والجملة من المبتدأ والخبر فى محل نصب ؛ سدّت مسدّ مفعولى «علم» (وهذه الجملة هى التى تلى ـ فى الغالب ـ اللفظ المانع من العمل).
وكذلك نقول : «الإطالة» : مبتدأ ـ «عجز» : خبره. والجملة من المبتدأ والخبر فى محل نصب ؛ سدّت مسد مفعولى : «رأى». فقد وقع التعليق بسبب وجود المانع من العمل ، ووقع بعد المانع جملة محلها النصب ؛ لتسدّ مسد المفعولين.
أما فى مثل : علمت البلاغة لهى الإيجاز ، ورأيت الإطالة لهى العجز ـ فاللفظ المانع من العمل ـ وهو لام الابتداء ـ قد وقع فى المثالين بعد المفعول به الأول ، ووقع بعد المانع جملة سدت مسدّ المفعول به الثانى الذى لا يظهر فى الكلام ، وحلّت محله وحده. فعند الإعراب يحتفظ المفعول به الأول باسمه وبإعرابه ؛ (مفعولا به أول ، منصوبا (١)). وتعرب الجملة التى بعد المانع إعرابا التفصيلى ، ويزاد عليه : «أنها فى محل نصب ؛ سدّت مسد المفعول به الثانى (٢) الذى وقع عليه التعليق».
نعلم مما تقدم أن أثر التعليق فى منع العمل لفظى ظاهرىّ فقط ؛ لا حقيقى ، محلىّ ، وأن سببه الوحيد وجود فاصل لفظى له الصدارة ، يسمى : «المانع» ؛
__________________
(١) ستجىء حالة يجوز فيها رفعه ـ فى رقم ٢ من هامش ص ٢٩ ـ.
(٢) إذا سدت جملة مسد المفعول الثانى ـ أو مسد غيره مما يكون مفردا لا جملة ـ فهى مفرد فى المعنى ؛ ففى مثل : أظن محمدا أبوه قائم ، تعرب الجملة ـ «أبوه قائم» ـ مبتدأ وخبر ، فى محل نصب سدت مسد المفعول الثانى ؛ فهى مفرد فى المعنى ؛ لأن المعنى : أظن محمدا قائم الأب. وقد نص النحاة على هذا ، وتضمنته كتبهم ، ـ (ومنها : الصبان فى الجزء الأول عند الكلام على علامات الأسماء ، وأوضحنا هذا وبسطنا الكلام على الإعراب المحلى فى الموضع الذى أشرنا إليه فى رقم ١ من هامش ص ٢٤).