كلام الابتداء ، وأدوات الاستفهام (١) وغيرها من كل ما له الصدارة فى جملته. وإليك مثالا آخر للمانع الذى يفصل بين الناسخ ومفعوليه معا ، أو يفصل بين الناسخ ومفعوله الثانى فقط :
أعلم ، أمحمود حاضر أم غائب؟ أعلم محمودا ، أحاضر هو أم غائب؟ فمتى وقع بعد الناسخ مانع بإحدى الصورتين السالفتين منع العمل الظاهر حتما ، دون العمل التقديرىّ (المحلىّ) كما رأينا ، وأوجب التعليق (٢).
وأشهر الموانع ما يأتى من الألفاظ التى لها الصدارة ، وكل واحد منها يوجب (٣) التعليق :
(ا) لام الابتداء ، كالأمثلة السالفة.
(ب) لام القسم : نحو : علمت ليحاسبنّ (٤) المرء على عمله.
__________________
(١) انظر ما يختص بالاستفهام فى ص ٣٥.
(٢ ، ٢) إلا فى حالة يكون فيها جائزا ، وستجىء هنا. وعند إعراب المثال الأول الوارد هنا نقول : «محمود حاضر» ، مبتدأ وخبر. وجملتهما فى محل نصب سدت مسد مفعولى : «أعلم». وفى المثال الثانى نقول : «محمودا» ، مفعول أول. «حاضر» : خبر مقدم ، «هو» : مبتدأ مؤخر ، والجملة منهما فى محل نصب سدت مسد المفعول الثانى وحده. ومن المثالين يتضح أن الجملة الواقعة بعد «المانع» وجوبا قد تسد مسد المفعولين معا أو مسد الثانى عند وجود الأول منصوبا لفظه.
أما الحالة التى يكون فيها التعليق جائزا ـ لا واجبا ـ فحين تكون أداة التعليق مسلطة على الثانى وحده (كأن يكون المفعول الثانى قد صدر ـ فى الغالب ـ بكلمة استفهام ، أو مضافا إليها وقد سبقها المفعول الأول ، فى الصورتين ؛ نحو : علمت الأديب من هو؟ وظننت الشاعر أخو من هو؟) ففى هاتين الصورتين يجوز نصب الكلمة السابقة التى هى المفعول الأول ؛ لأن الناسخ سلط عليها من غير مانع ، ويجوز رفعها ؛ لأنها هى وما بعد الاستفهام شىء واحد فى المعنى ؛ فكأنها واقعة بعد الاستفهام فلا يؤثر فيها الناسخ. فالتعليق جائز هنا.
(٣) يقولون فى مثل هذا : إن اللام داخلة على جواب القسم المقدر. وأصل الجملة : «علمت ـ أقسم والله ـ ليحاسبن المرء على عمله». فجواب القسم ـ وهو جملة : «يحاسبن المرء» ـ مع جملة القسم المقدرة وهى : (أقسم*) فى محل نصب سدّا معا مسد المفعولين. أى : أن مجموع الجملتين هو الذى سد مسد المفعولين ، وأنه فى محل نصب. وما يترتب على هذا الإعراب من عدم وقوع أداة التعليق فى صدر جملتها يدفعونه بأن وقوعها فى الصدارة ليس واجبا مطردا ؛ وإنما هو الغالب. وبفرض أنه واجب حتما فالمقصودا بالقسم وجملته هو تأكيد جملة جوابه ؛ فهما معا كالشىء الواحد ؛ فإذا تقدمت أداة التعليق على جواب القسم وحده فكأنها فى الوقت نفسه قد تقدمت على جملة القسم ، واحتلت مكان الصدارة اللازم لها ؛ فلا تعتبر متخلية عنه. فوجودها فى صدر الثانية يعد بمنزلة التصدر فى الأولى.
لكن سيترتب على قولهم هذا محظور آخر ؛ هو : وقوع جملة جواب القسم فى محل نصب ، والشائع أنها ـ