الحكم الثانى ـ الإلغاء :
وهو : «منع الناسخ من نصب المفعولين معا ؛ لفظا ومحلا ، منعا جائزا ، ـ فى الأغلب ـ لا واجبا». أو هو : «إبطال عمله فى المفعولين لفظا ومحلا ، على سبيل الجواز لا الوجوب». ولا يصح أن يقع المنع على أحد المفعولين دون الآخر. وسببه : إمّا توسط الناسخ بين مفعوليه مباشرة بغير فاصل آخر بعده يوجب التعليق (١) ، وإما تأخره عنهما. فإذا تحقق السبب جاز ـ فى الأغلب (٢) ـ الإعمال أو الإهمال ، وإن لم يتحقق وجب الإعمال. فللناسخ ثلاث حالات من ناحية موقعه فى الجملة :
الأولى : أن يتقدم على المفعولين. وفى هذه الحالة يجب إعماله ـ عند عدم المانع ـ ؛ فينصبهما مفعولين به ، نحو : رأيت النزاهة وسيلة لتكريم صاحبها.
الثانية : أن يتوسط بين مفعوليه مباشرة. وفى هذه الحالة يجوز ـ فى الأغلب (٣) ـ إعماله ؛ فينصبهما مفعولين (٤) به ؛ نحو : النزاهة ـ رأيت ـ وسيلة لتكريم صاحبها. ويجوز إهماله (٥) ؛ فلا يعمل النصب فيهما معا ، ولا فى أحدهما ؛ وإنما يرتفعان باعتبارهما جملة اسمية : (مبتدأ وخبرا) ، نحو : النزاهة ـ رأيت ـ وسيلة لتكريم صاحبها.
الثالثة : أن يتأخر عن مفعوليه ؛ والحكم هنا كالحكم فى الحالة السابقة ؛ فيجوز إعماله فينصب المفعولين ؛ نحو : النزاهة وسيلة لتكريم صاحبها ـ رأيت.
__________________
(١) إذ يجب التعليق لوجود سببه ، ويجوز فى صورة واحدة ـ انظر ص ٢٦ وبيانها فى رقم ٢ من هامش ص ٢٩ ـ
(٢ ، ٢) إلا فى مسائل ستذكر فى رقم ٣ من هامش الصفحة الآتية. ثم انظر رقم ١ من هامش ص ٣٩.
(٣) فى حالة توسط العامل بين مفعوليه يجوز أن يكون المفعول الثانى هو المتقدم عليه ، ويجوز فى حالة ـ تقدم هذا المفعول الثانى أن يكون جملة ، أو شبه جملة ، أو مفردا ، وهى الأنواع الثلاثة التى ينقسم إليها ـ كما سبق فى : «ا» من ص ٢٣ ـ ومن الأمثلة لتقدمه وهو جملة ما نقلوه من نحو : (شجاك ـ أظن ـ ربع الظاعنين ...) فكلمة «ربع» يجوز ضبطها بالنصب مفعولا أول للفعل : «أظن». والجملة الفعلية «شجاك» (أى : أحزنك) فى محل نصب تسد مسد المفعول الثانى. فيكون أصل الكلام : أظن ربع الظاعنين شجاك. فتقدمت الجملة الفعلية السادة مسد المفعول الثانى. ويصح فى كلمة : ربع» الرفع على أنها فاعل للفعل : «شجا» ويكون الفعل «أظن» مهملا. ويجوز أيضا رفع كلمة : «ربع» على أنها خبر للكلمة : «شجا» المبتدأ ، ومعناها : «حزن» ولا تكون فى هذه الصورة فعلا ، ويكون الفعل : «أظن» متوسطا بينهما ، مهملا.
(٤) وفى هذه الصورة تكون جملة : «رأيت» ، معترضة بين المفعولين ، لا محل لها من الإعراب.