ويجوز إهماله فلا يعمل النصب (١) ويرتفع الاسمان باعتبارهما جملة اسمية ، مركبة من مبتدأ وخبره ؛ نحو : النزاهة وسيلة لتكريم صاحبها ـ رأيت.
مما تقدم ندرك أوجه الفرق بين التعليق والإلغاء ؛ وأهمها :
(ا) أن التعليق واجب (٢) عند وجود سببه. أما الإلغاء فجائز ـ فى الأغلب (٣) ـ عند وجود سببه.
(ب) أن أثر التعليق يصيب المفعولين معا أو أحدهما. أما أثر الإلغاء فيصيبهما معا.
(ح) أن أثر التعليق لفظىّ ظاهرى ، لا يمتد إلى الحقيقة والمحلّ. وأثر الإلغاء لفظىّ ومحلىّ معا.
(د) أن التعليق يجوز فى توابعه مراعاة ناحيته اللفظية الظاهرية ، أو
__________________
(١) وجملته استئنافية ، كما كانت قبل التأخر عن المفعولين.
(٢) إلا فى الحالة التى يكون فيها جائزا ، (وقد سبق بيانها فى رقم ٢ من هامش ص ٢٩).
(٣) الإلغاء جائز فى أغلب الأحوال. لكن هناك بعض حالات أخرى يجب فيها الإعمال فقط ، أو الإهمال فقط. فيجب الإعمال إذا كان الناسخ منفيا ، سواء أكان متأخرا عن المفعولين ، أم متوسطا بينهما ، نحو : «مطرا نازلا لم أظن». أو : «مطرا لم أظن نازلا» ؛ لأنه لا يجوز أن يبنى الكلام على المبتدأ والخبر ثم نأتى بالظن المنفى ، إذ إلغاء الفعل المنفى ـ فى الصورتين ـ قد يوهم أن ما قبل الفعل مثبت. مع أن نفى الفعل يعم الجملة كلها ، ويتجه فى المعنى إلى المفعولين المنصوبين عند تقدمهما ، أو تأخر أحدهما. فلمنع هذا الاحتمال والوهم يجب الإعمال ؛ مبالغة فى الاحتراس ؛ كما يقولون.
وهذا التعليل ـ دون الحكم ـ لا ترتاح له النفس إلا إن أيدته النصوص الفصيحة التى لم يعرضوها فيما وقع فى يدى من المراجع.
ويجب الإهمال إذا كان العامل مصدرا ؛ نحو : المطر قليل ـ ظنى غالب ؛ لأن المصدر المتأخر لا يعمل ـ غالبا ـ فى شىء متقدم عليه ، فلا يصح تقديم مفعوله عليه أو مفعوليه (عند كثير من النحاة ويخالفهم آخرون ، كما سيجىء فى بابه ، ج ٣).
وكذلك يجب الإهمال إذا كان فى المفعول المتقدم لام ابتداء أو غيرها من ألفاظ التعليق ؛ نحو : لخالد مكافح ظننت ؛ لأن لام الابتداء وألفاظ التعليق تمنع العامل من العمل فيما بعدها ـ غالبا ـ وقد يعتبر هذا تعليقا فى رأى بعض النحاة الذين لا يشترطون فى التعليق تقدم الناسخ. ولا قيمة لهذا الخلاف فى التسمية ؛ لأن الأثر واحد ـ إلا فى التوابع كما سيجىء فى «د» ـ لا يتغير باختلاف الرأيين ؛ فكلاهما يوجب الإهمال. وهذا حسبنا.
وكذلك يجب الإهمال إذا وقع الناسخ بين اسم إن وخبرها ؛ مثل : إن التردد ـ حسبت ـ مضيعة. أو بين «سوف» وما دخلت عليه ؛ نحو : سوف ـ إخال ـ أكافح الشر. أو بين معطوف ومعطوف عليه ؛ نحو : دعاك الخير ـ أحسب ـ والبر.