المسألة ٦٣ :
حذف المفعولين ، أو أحدهما ، وحذف الناسخ
الاختصار أصل بلاغىّ عامّ ، لا يختص بباب ، ولا يقتصر على مسألة ، ويراد به : حذف ما يمكن الاستغناء عنه من الألفاظ لداع يقتضيه. وهو جائز بشرطين :
(ا) أن يوجد دليل يدل على المحذوف ، ومكانه (١).
(ب) وألا يترتب على حذفه إساءة للمعنى ، أو إفساد فى الصياغة اللفظية (٢).
واستنادا إلى هذا الأصل القويم يصح الاختصار هنا بحذف المفعولين معا أو أحدهما. فمثال حذفهما : ـ هل علمت الطيارة سابحة فى ماء الأنهار؟ فتجيب : نعم ، علمت ... ـ هل حسبت الإنسان واصلا إلى الكواكب الأخرى؟. نعم ، حسبت ... أى : علمت الطيارة سابحة ... وحسبت الإنسان واصلا ...
ومثال حذف الثانى (وهو كثير) : أىّ الكلامين أشدّ تأثيرا فى الجماهير ؛ آ لشعر أم الخطابة؟ فتقول : أظن الخطابة ... أى : أظن الخطابة أشدّ ... ومثال حذف الأول : (وحذفه أقل من الثانى) ما مبلغ علمك بخالد بن الوليد؟ فتقول : أعلم ... بطلا صحابيّا من أبطال التاريخ. أى : أعلم خالدا بطلا ...
فقد صحّ الحذف فى الأمثلة السابقة ؛ لتحقق الشرطين معا. فإن لم يتحقق
__________________
(١) لأن عدم معرفة المحذوف يفسد المعنى فسادا كاملا ، وعدم معرفة مكانه يؤثر فى المعنى قليلا أو كثيرا ؛ فلوضع الكلمة فى الجملة أثر فى المعنى. ولا فرق فى الدليل (القرينة) بين أن يكون مقاليا ؛ (أى : قولا يدل على المحذوف) وأن يكون حاليا : (أى : أمرا آخر مفهوما من الحال والمقام ، وليس بكلام. ولهذا إشارة فى رقم ١ من هامش ص ٢٠٧ م ٧٦ ، وراجع ح ١ ص ٣٦٢ م ٣٧).
(٢) يرى بعض النحاة الاقتصار على هذا الشرط ؛ لأنه يتضمن معنى الشرط الأول. ولكنا ذكرناهما معا مبالغة فى الإيضاح والإبانة.