زيادة وتفصيل :
هناك أفعال لا تحتاج إلى فاعل مذكور أو محذوف ؛ منها : «كان» (١) الزائدة ؛ مثل : المال ـ كان ـ عماد للمشروعات العمرانية. ومنها الفعل التالى لفعل آخر ؛ ليؤكده توكيدا لفظيّا ؛ مثل : (اقترب ـ اقترب ـ القطار) ؛ (فتهيأ ـ تهيأ ـ له). فالفعل الثانى منهما مؤكد للأول توكيدا لفظيّا ؛ فلا يحتاج لفاعل مع وجود الفاعل السابق.
ومنها أفعال اتصلت بآخرها : «ما» الكافة. (أى : التى تكفّ غيرها عن العمل ، وتمنع ما اتصلت به أن يؤثر فى معمول) مثل : طالما ـ كثر ما ـ قلّما ،. نحو : (طالما أوفيت بوعدك ، وكثر ما حمدت لك الوفاء ؛ وقلما (٢) يخلف النبيل وعده) ويعرب كل واحد فعلا ماضيا مكفوفا عن العمل (أى : ممنوعا) بسبب وجود «ما» التى كفّته. وقد يقال فى الإعراب : طالما ـ أو : كثرما ـ أو : قلما ـ «كافة ومكفوفة» بمعنى : أن كل كلمة من الاثنتين كفّت الأخرى ، ومنعتها من العمل ، فهى كافة لغيرها ، ومكفوفة بغيرها.
وهناك رأى أفضل ؛ يعرب الفعل ماضيا ، ويعرب «ما» مصدرية ، والمصدر المنسبك منها ومن صلتها فى محل رفع فاعل الفعل الماضى ؛ فالتقدير : طال إيفاؤك الوعد ـ وكثر حمدى لك الوفاء ـ وقلّ إخلاف النبيل وعده. وإنما كان هذا الرأى أفضل لأنه يوافق الأصل العام الذى يقضى بأن يكون لكل فعل أصلىّ فاعل ؛ فلا داعى لإخراج هذه الأفعال من نطاق ذلك الأصل (٣).
هذا ويقول اللغويون : إن تلك الأفعال ـ فى الرأى الأحسن الجدير بالاتباع ـ لا يليها إلا جملة فعلية ؛ كالأمثلة السابقة.
__________________
(١) تفصيل الكلام على زيادتها ، وفائدتها وإعرابها ... فى ج ١ ص ٤٢٨ المسألة : ٤٤.
(٢) تستعمل : «قلما» فى أغلب الأساليب لإثبات الشىء القليل ؛ كهذا المثال المذكور بعد. وقد تستعمل فى بعض الأساليب للنفى المحض ؛ فتكون حرفا نافيا ـ لا فعلا ـ مثل : «ما» النافية ، و «لا» النافية ؛ نحو : قلما يسلم السفيه من المكاره. أى : ما يسلم ... ولا بد فى استعمالها حرف نفى من وجود قرينة تدل على هذا. والأحسن ترك هذا الاستعمال القليل ـ بالرغم من جوازه ـ فرارا من اللبس.
(٣) ولأن العلة التى يذكرونها لكف الفعل فى مثل : «قلما» وعدم احتياجه للفاعل ـ وهى كما جاء فى المغنى ـ شبهه فى معناه للحرف : «رب» علة واهية.
وعلى اعتبار «ما» كافة ، يجب وصلها بالفعل الذى قبلها فى الكتابة ؛ فتشبك بآخره. أما على اعتبارها مصدرية فيجب فصلها فى الكتابة.