٤ ـ وإن كان الفاعل الظاهر جمع مؤنث سالما ـ مستوفيا للشروط (١) ـ فحكمه كحكم مفرده ؛ فيجب تأنيث عامله ـ فى الرأى الأقوى ـ كقولهم : بلغت الأعرابيات فى قوة البيان وبلاغة القول مبلغ الرجال ، وكانت الشاعرات تجيد القريض كالشعراء ، وربما سبقت شاعرة كثيرا من الفحول ...
فإن لم يكن مستوفيا للشروط جاز الأمران ؛ نحو : أعلنت الطلحات السفر ، أو أعلن ... (جمع : طلحة ، اسم رجل) ؛ وكقول بعض المؤرخين : (لما تمت «أذرعات» (٢) بناء وعمرانا هيأ واليها طعاما للفقراء ، ونظر فإذا جمع من النساء مقبل ؛ فقال : الحمد لله ، أقبل أولات الفضل ممن عملن بأنفسهن ، وساعدن بأولادهن ؛ ابتغاء مرضاة الله ...) فيصح فى الفعلين : «تمّ ...» ـ «أقبل ...» زيادة تاء التأنيث فى آخرهما ، أو عدم زيادتها.
وبديه أن الفاعل إذا كان جمع مذكر سالما مستوفيا للشروط ، لا يجوز ـ فى الرأى الأصح ـ تأنيث عامله ؛ وإنما يحكم له بحكم مفرده ؛ كقولهم : «أسرع المحاربون إلى لقاء العدو ، فرحين ، ولم يتزحزح الواقفون فى الصفوف الأمامية ، ولم يتقهقر الواقفون فى الصفوف الخلفية ؛ حتى كتب الله لهم النصر ، وفاز المخلصون بما يبتغون».
فإن كان غير مستوف للشروط (٣) جاز الأمران على الاعتبارين السالفين ـ (معنى الجمع أو : معنى الجماعة) نحو : أظهر أولو العلم فى السنوات الأخيرة عجائب ؛ لم يشهد الأرضون مثلها من بدء الخليقة ، وشاهد العالمون من آثار العبقرية ما جعلهم يرفعون العلم والعلماء إلى أعلى الدرجات ... ؛ فيصح فى الأفعال
__________________
ـ الشأن فى كل جمع سوى جمع المذكر السالم المستوفى للشروط ـ وجمع المؤنث السالم المستوفى أيضا ـ فلم يبق جمع سواهما إلا جمع التكسير ، فكأنه يريد أن يقول : إذا كان الفاعل جمع تكسير جاز فى عامله التأنيث ؛ نحو : قام الرجال ، وقامت الرجال ، على نحو ما شرحناه. ثم قال :
والحذف فى «نعم الفتاة» استحسنوا |
|
لأنّ قصد الجنس فيه بيّن |
(١) سبقت شروطه فى ج ١ ص ١٠٠ المسألة ١٢.
(٢) اسم بلد بالشام.
(٣) ومن هذا أن يدخل على صيغة المفرد عند الجمع تغيير ـ أىّ تغيير ـ فى عدد الحروف ، أو فى ضبطها.